فضل بن سعد البوعينين
اهتمت رؤية المملكة 2030 بجانب التراث وتعزيز الثقافة، وتحفيز قطاعي السياحة والترفيه؛ وأحسب أن المهرجان الوطني للتراث والثقافة من المهرجانات الداعمة لتلك الأهداف؛ بما يحتويه من جوانب ثقافية وفكرية وفعاليات تراثية عريقة. شكل «مهرجان الجنادرية» محور البرامج الثقافية المؤسسية؛ التي اكتسبت عمقًا وتأثيرًا وازدهارًا وشمولية؛ خلال 33 عامًا مضت؛ فهو تظاهرة تاريخية وطنية؛ وحاضنة لتاريخ وثقافة وقيم وتقاليد المملكة؛ وجسرًا للتواصل الثقافي والإنساني مع المجتمع المحلي والعالم الخارجي.
نجح المهرجان في إبراز أوجه التراث الشعبي، والتأكيد على القيم الدينية والاجتماعية؛ وترسيخ العلاقة بين ماضي الأمة وحاضرها، إضافة إلى تقديم البرامج والفعاليات الثقافية والتراثية، والتفاعل مع القضايا الملحة من خلال الندوات والمحاضرات والتواصل الثقافي والإنساني بين مفكري الأمة، أُدبائها، وعلمائها؛ إضافة إلى تكريم الأدباء والمفكرين في تظاهرة احتفائية ترفع من شأن العالم والأديب وكل من ساهم في رفعة المجتمع وتطوره.
عملت وزارة الحرس الوطني على تطوير المهرجان ليتماهى مع المتغيرات الفكرية والاجتماعية والحضارية، وليحقق رؤية المملكة الجديدة وفق منظومة متناغمة أسهمت في تحويل المهرجان إلى أهم الوجهات الجاذبة للسياح من داخل وخارج المملكة؛ واهتمت بشكل أكبر في إيصال رسالة الإسلام والسلام وثقافة الجزيرة العربية وموروثها الأصيل.
برغم طبيعة المهرجان الثقافية والتراثية؛ فقد تحول إلى أحد أهم أدوات القوة الناعمة السعودية؛ من خلال تركيز إدارته على دعوة المفكرين والأدباء والإعلاميين والمهتمين بالتراث، من العرب والمسلمين والأجانب، لحضور المهرجان، والاطلاع على تاريخ المملكة وحضارتها والتواصل مع مسؤوليها وأدبائها. لم أتفاجأ بصدى المهرجان لدى الأخوة الأدباء والإعلاميين والمثقفين في مصر والجزائر، الذين التقيناهم على هامش زيارات سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للدول العربية؛ وتشوقهم لحضوره والمشاركة في فعالياته الفكرية. نجح المهرجان في التحول إلى منصة لتوطيد العلاقات، ومد جسور الثقة والتواصل مع الشعوب العربية من خلال مفكريها وإعلامييها، وهو جانب يستوجب التركيز عليه وتعزيزه لفوائده الكبيرة، خاصة مع إعادة هيكلة العلاقات السياسية السعودية وتحول الرياض إلى مركز حاضن للمبادرات والتحالفات السياسيية. قدرة المفكرين والأكاديميين والأدباء والإعلاميين على التأثير على الشعوب وتوجيه الرأي العام من محفزات الاستقطاب الإيجابي وفق عمل احترافي منظم، وهذا ما أرجو تحقيقه من خلال تعزيز مكاسب المهرجان الدبلوماسية؛ وهو أمر يحتاج إلى رؤية وميزانيات مالية أكبر. ربما نحتاج إلى توسيع دائرة المهرجان، وإستقطاب أكبر للأدباء والأكاديميين والإعلاميين والمفكرين وقادة الرأي. قد يوسع برنامج المدعويين ليشمل زيارة مكة المكرمة لأداء مناسك العمرة، والمدينة المنورة، وأي مواقع تعكس حضارة المملكة وتقدمها في جولة تعريفية شاملة. الأكيد أن وزارة الحرس الوطني تقوم بجهود متميزة لتمكين ضيوفها من العمرة، والزيارات المجدولة وبقدراتها الخاصة، غير أن تحويل تلك الجهود إلى برنامج متكامل، مدعوم بميزانية مالية قادرة على تلبية المتطلبات هو الأنسب والأجدى في الوقت الحالي.