م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. مصادر التأثير على المجتمع السعودي اليوم كبيرة ومتعدِّدة.. لكن مع بدايات النهضة السعودية في منتصف الخمسينيات الميلادية كان ولا يزال أكبر مؤثِّر هو الحكومة.. فهي الموظف والمشتري والمنَظِّم والمشَرِّع والمعلِّم والمعالج، بل والمربي.. أي أن المجتمع السعودي الحديث في جزء كبير منه صناعة حكومية.. فكل شيء يمس التنمية للحكومة فيه اليد الطولى.. فهي التي حفَّزت القطاع الخاص في بدايات الطفرة.. فاشتركت في تأسيس الشركات المساهمة.. وموَّلت المصانع وطوَّرت مناطق الريف إلى حواضر مدنية.. ورعت الثقافة والفنون والرياضة والإعلام والشؤون الاجتماعية.. كل ذلك حصل بشكل أبوي.
2. المجتمع السعودي مع مطلع التوحيد في الثلاثينيات الميلادية كان مجتمعاً أمياً بأكمله تقريباً.. وبالتالي فإن النظرة الفطرية للأمور والأحداث والأشياء كانت هي السائدة.. ثم في الستينيات الميلادية استكمل التعليم انتشاره.. وغطت المدارس كل مدن وقرى المملكة.. وبدأت الطلائع الأولى من المتعلمين السعوديين بالظهور.. واحتلوا الوظائف الحكومية الدنيا والمتوسطة.. وتخرَّجت أول دفعة جامعية من جامعة الملك سعود بالرياض.. وكان السعوديون الجامعيون ندرة، حيث أهلتهم دراستهم فوراً إلى تبوؤ مواقع قيادية في الدولة.
3. ثم في منتصف السبعينيات الميلادية أسست الحكومة الصناديق التنموية: العقاري، والصناعي، والزراعي، والتسليف.. وغيرها من الصناديق التي كانت داعماً مهماً للتنمية.. فالمجتمع في ذلك الوقت كان بسيطاً حديث عهد بالخروج من الأمية.. لا يملك المعطيات الحضارية الأساسية وأهمها التعليم.. فلا معلمين ولا مهندسين ولا أطباء ولا حرفيين ولا مهنيين في أي مجال.. مما فتح باب الاستقدام على مصراعيه.