د. محمد عبدالله الخازم
رغبت جامعة رايرسون في افتتاح قسم أكاديمي جديد، وأجرت دراساتها الأكاديمية وأهمها الحصول على تأييد ثلاث جهات أكاديمية على جودة البرنامج ومفرداته المختلفة، ولكن لأن التعليم الجامعي يحظى بالدعم الحكومي فإن عليها أخذ موافقة الحكومة على ذلك المشروع، حيث إن الحكومة في النهاية ستدعمها في المقر وفي توفير منح دراسية حكومية للدارسين بها. لكن حكومة أونتاريو رفضت طلب الجامعة بافتتاح قسم القانون، كتخصص مهني، بحجة أنه يوجد برنامج آخر في المدينة بجامعة تورنتو وبرنامج آخر قريب، كما أن الولاية فيها ستة برامج ومخرجاتها كافية لاحتياجات الولاية. البعض يرى ذلك تدخل في صلاحية الجامعة، والصحيح أن المدينة لا تستطيع منعها تماماً من تأسيس برنامج أكاديمي، لكن عدم دعم الولاية يعني عدم قدرة البرنامج على السير نحو الأمام، حيث لن يستطيع منافسة الأقسام المماثلة المدعومة وستكون تكلفته على الطالب عالية ليحقق الجدوى التشغيلية والاقتصادية المناسبة. طبعاً جامعة رايرسون تجادل بأنها ستستدخم نموذجاً تعليمياً مختلفاً وبأن هناك حاجة لبرنامجها المقترح، ولكن الجهات المعنية في الولاية ترى العبرة في النهاية بأن المخرجات ستزيد عن الحاجة وليس هناك مبرر لدعم برنامج جديد في القانون. إضافة إلى ذلك فقد رفضت الولاية مشاريع جامعية أخرى مثل مشروع تأسيس بعض الفروع الجامعية وغيرها لكننا نركّز على تجربة افتتاح برنامج القانون هذا بجامعة رايرسون وماذا يعني ذلك؟
أولاً: تأسيس برنامج أكاديمي ليس بالأمر الهيِّن ويتطلب عملاً كثيراً لدى الجامعات المتقدِّمة. وهنا نرى أن جامعة رايرسون تعمل على تأسيس هذا البرنامج لفترة طويلة وتتفاوض مع جهات أكاديمية وغير أكاديمية عدة لمحاولة إقراره. في جامعتنا ومن تجارب شخصية؛ أقرَّ تأسيس كلية عبر محضر (تمريري) لم يناقش بين أعضاء مجلس الجامعة على الطاولة. كما أذكر كلية أخرى أسسناها بعد كتابة ثلاث ورقات وحين عرض الموضوع بمجلس الجامعة لم يستغرق أكثر من دقيقتين، حيث ذكر بند النقاش فأجاب المسؤول الأول «على بركة الله» فصمت الجميع!
ثانياً: مهما تكن استقلالية الجامعات يظل هناك مناطق تقاطع مع جهات أخرى تفرض رأيها عليها، بشكل مباشر أو غير مباشر. وبالذات الجهات الحكومية في حال دعمها لها. في المملكة جهات التوظيف والجهات المالية ليس لها كلمة في افتتاح مزيد من الكليات والبرامج. هناك قاعدة في مفهوم الاستقلالية «أنت مستقل في قراراتك، لكن عندما تحتاج دعم آخرين أو لك علاقة بهم فيجب إشراكهم في القرار ومراعاة رأيهم». بمعنى آخر، يفترض أن لا يقر البرنامج الأكاديمي من قبل الجامعة أو وزارة التعليم بمفردها دون مشاورة وأخذ موافقة الجهات المستفيدة والداعمة والمانحة.
ثالثاً: الجامعة مسؤولة عن تطوير مواردها وتبني البرامج التي تراها مفيدة في ذلك وتدافع عن وجهة نظرها الأكاديمية، وهذا ما تواصل جامعة رايرسون عمله، وقد تنجح أو لا تنجح، تلك مهمة الجامعة وقد عملت عليها فترة طويلة وعليها مواصلة المحاولة. في جامعاتنا تجد المسؤول لا يبذل جهداً كبيراً ويتذرَّع بعدم تعاون بعض الجهات فيحجم عن تبني مشاريع وأفكار مختلفة سواء برامج أكاديمية أو غير أكاديمية.