فوزية الجار الله
صباح جديد مشرق لا يضاهيه أمل أو عمل..
هذا الصباح أبدو أكثر توهجاً وتألقاً من أي يوم مضى..
سعيدة أدندن بأغنية أثيرة تستعيدني نغماتها بين الفينة والأخرى وأحاول إنجاز أموري سريعاً، أرتشف قهوتي أثناء ارتداء ملابسي وألقي نظرة عبر الشرفة، الجو صاف وجميل ومثله روحي، شفافة تحلق احتفالاً بما ينتظرها..
ارتديت حذاء رياضياً بحركة سريعة وأنا أتأمل ساقيّ كأنما اكتشفهما للمرة الأولى، اليمنى على وجه الخصوص، ابتسمت لطرافة الفكرة، هكذا أحسست منذ للحظات الأولى حين أشارت المدربة إلى بدالتي السيارة الشبيهتين إلى حد ما ببدالتي الدراجة الهوائية التي أعرفها جيداً مع بعض الفروقات المميزة..
قالت: تستخدمين قدماً واحدة «اليمنى» تضعينها على أهبة الاستعداد بين هاتين البدالتين لتحددي حسب موقعك أثناء القيادة هل تريدين ضغط «دواسة» البنزين لمزيد من السرعة أو «مكبح البنزين» لتخفيفها..
وضعت لمسات من أحمر شفاه «شفاف» على شفتي ووضعت شيئاً من عطر صباحي خفيف وحمدت الله أن مدربتي امرأة لا بأس من رائحة عطر أو سواه.. بالأمس شعرت بتحكمي بمقود السيارة، كم هي ممتعة تشبه كثيراً إحساسي بركوب خيل عبر البراري المعشبة حين تضيئها شمس شتائية لذيذة..
توقفت على عتبة البوابة بانتظارها وأنا أتأمل شاشة الهاتف الجوال أعد من خلاله ترجمة بعض الجمل إلى اللغة التركية فهي لا تعرف لغة عداها، تتحدث بضع كلمات وجمل قصيرة ركيكة من الإنجليزية وحسب..
حين أخذت موقعها إلى جانبها بادلتني التحية والابتسامة، يدهشني اهتمامها، تتناول حقيبة يدي وتسألني إن كنت أحتاج شيئاً منها لأضعها إلى جانبي، ألتقط جهاز الجوال وعلبة المناديل الورقية الصغيرة خشية أن تتعرق كفي كما في المرة الأولى، ألتقط نظارة القراءة على سبيل الاحتياط، أخلع البالطو الثقيل، تتناولهما مني وتضعهما في المقعد الخلفي، أمتلئ إحساساً بالامتنان لذلك الفيض من الاحتواء والاهتمام والعناية، تبدأ كلماتها، نتعاون معاً في الترجمة والإشارة كي نصل إلى فهم ما ينبغي فعله وما ينبغي تجنبه..
تتحدث قائلة: أولاً نتأكد من مناسبة المقعد للجسد ولمستوى الرؤية، المرآتين الجانبيتين ترين من خلالهما السيارات القادمة من الجانبين يميناً ويساراً والمرآة العلوية، تقول وهي تبتسم، ليست للتأكد من الماكياج وإنما لضبط رؤية السيارات القادمة من الخلف، لا تنسي الحزام، ثم تضعين قدمك على مكبح البنزين، تديرين مفتاح السيارة حتى يصل إلى سمعك صوت المحرك، يبدو شبيهاً بنبضات قلبٍ تحبينه «هكذا أحدث نفسي» تضيف المدربة قائلة: تنتظرين بضع دقائق غالباً لا تزيد عن خمس ثم تنطلقين، عندها تشرق روحي، أتأمل الأفق الممتد أمامي ويتناهى إلى سمعي صوت صهيل ووقع حوافر لخيل تهرول بأجنحة من نور وأمل.