خالد بن حمد المالك
اعتقدَ الرئيس التركي أن المكنة الإعلامية القطرية عالية الصوت في تبنيها لاتهاماته ضد المملكة سوف تضع المملكة في الموقف الذي يحقق الأهداف القطرية والتركية في التآمر على المملكة، فإذا باتهاماته تذروها الرياح، وتتحول إلى فقاعات لم تحصد لهما غير كمية من الأوهام.
* *
فمنذ مقتل جمال خاشقجي، واعتراف المملكة بمسؤولية عدد من السعوديين عن ذلك، وتوجيه الاتهامات لهم، وإيقافهم على ذمة التحقيق، ظل أردوغان يتحدث بالتقسيط عن هذه الجريمة، متهماً المملكة حتى بَحَّ صوته، وفقد مصداقيته، وظهر كما لو أنه لا عمل له إلا قضية مقتل خاشقجي.
* *
وقطر من جانبها وَظَّفت مال المواطنين القطريين في شراء ذمم الإعلاميين على مستوى العالم لينفخوا في نار هذه القضية بما يستجيب ويلبي رغبات العقلية التركية - القطرية، فإذا بموضوع جريمة القتل تتحول إلى وجهة أخرى، وإلى كشف المستور عن الوجه القبيح في سياسة البلدين، وتضع الشرفاء في العالم أمام حقيقة دولتين تفتقران إلى الحكمة في التعامل مع القضايا الساخنة.
* *
ولابد من التذكير بأن لتركيا تاريخًا طويلاً في ممارسة هذا النوع من الجرائم الإنسانية ولا زالت، وهي بتنصتها وتسجيلاتها عن جريمة مقتل جمال، إنما تدين نفسها كونها كانت على علم مسبق بما فعله المتهمون بقتله، ولم تمارس أي دور يحُول دون حدوث الجريمة، وكانت قادرة لو أرادت أن تفعل هذا، لكنها لأهداف سياسية عدوانية نأت بنفسها عن ممارسة هذا الدور، مكتفية بتوظيف الجريمة في تحقيق أحلامها وقطر العدوانية.
* *
لكن بعد كل هذه البكائيات من الرئيس التركي، وهذا الشحن الإعلامي القطري غير المسبوق في قضايا مماثلة، أليس من العدالة أن نبحث عن أطراف أخرى غير سعودية قد تكون ضالعة في مؤامرة قتل المواطن السعودي، وأعني بذلك تركيا وقطر، بحسب القراءة والاستنتاجات من تصريحات الرئيس أردوغان، والنيابة العامة في تركيا، وتبني تلفزيون الجزيرة ووسائل إعلامية أخرى محسوبة على قطر لكل الاتهامات ضد المملكة.
* *
إن الحشد الإعلامي الكبير لصالح الترويج لهذه القضية، واستنفار عدد من المنصات والوسائل الإعلامية، وتوظيف مجموعة كبيرة من الإعلاميين للحديث بشكل متواصل عنها، اعتماداً على تسريبات الأتراك، وعلى ما كان يقوله الرئيس التركي لتوجيه مسار الجريمة وحصرها بالمملكة وبأشخاص قياديين فيها، هو عمل مشبوه وغير نزيه، ويغطي على شركاء حقيقيين من غير السعوديين لهم دور في هذه الجريمة.
* *
إنَّ العبرة في كلِّ ما قِيل ستظهر من خلال النتائج التي ستتأكد في محصلتها الأخيرة أن المسؤولين في تركيا وقطر عاشوا وما زالوا أوهاماً، واعتقدوا بما لم ولن يحصلوا عليه، بل بما يخيب ظنهم، ومن يدري فربما دارت الدائرة عليهم في هذه القضية، وبالتالي فتحت الأبواب عن كشف المزيد عن مؤامراتهم وجرائمهم وتخريبهم.