«الجزيرة» - روما - سهيلة طيبي:
نظّمت الملحقية السعودية في روما الثلاثاء الماضي احتفالية باليوم العالمي للغة العربية بالشراكة مع مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية ومع معهد الدراسات الشرقية في جامعة لاسابيينسا في روما، علما أن هذا المعهد الجامعي الإيطالي يولي تعليم اللغة العربية وآدابها عناية مميزة. هذا وقد شملت الفعالية التي دأبت الملحقية على عقدها بشكل دوري، وبدعم مباشر من وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى، عدة محاور: منها مشاركة عدد من الأساتذة الإيطاليين في افتتاحية اليوم الدراسي، وبحضور عدد غفير من الطلاب والطالبات من دارسي اللغات الشرقية والتراث الحضاري الإنساني. أثناء انعقاد الندوة تناول الجميع في كلماتهم أهمية اللغة العربية في توطيد أواصر العلاقات بين الشعوب عبر التاريخ، فضلا عن انتقال العديد من المعارف والعلوم عبر هذا اللسان القديم والمتجدد. انطلق الحفل بكلمة لسعادة مديرة المعهد الإيطالي للدراسات الشرقية الأستاذة الدكتورة أليساندرا بريدزي، التي أكدت على أن الحضارة العربية قد قدّمت للبشرية ثراء ثقافيا وإسهاما فعالا في انتقال المعارف، كما رحّبت المديرة بهذه النوعية من المبادرات التي تسير في هذا المنحى الثقافي لِما لها من دور في دعم التواصل والتعاون. من جانب آخر، ضمن فعالية ورشة الترجمة المعاصرة بين اللّغتين العربية والإيطالية، وفي إطار برنامج الاحتفالية، ألقى سعادة الملحق الثقافي الدكتور عبدالعزيز الغريب كلمة تناولت فحوى التظاهرة الدولية في اليوم العالمي للغة العربية، مبرزا أن الاحتفالات تُكلّل الجهود المبذولة لخدمة العربية، سيما وأنّ العربية تُعبّر عن أصالة الإرث الحضاري الذي تزخر به المملكة العربية السعودية، مذكّرًا أن من الطبيعي أن تُولي المملكة اهتمامًا بالغًا للعربية محليًّا ودوليًّا. وقد شارك في الندوة كل من المترجمة الإيطالية بربارا تيريزا والروائي السعودي يحيى القاسم. في كلمتها انطلقت المترجمة باستعراض نماذج من تجربتها في ترجمة رواية «موت صغير» للكاتب محمد حسن علوان، كما أثارت بعض الإشكاليات التي تواجه النقل من الثقافة العربية إلى الثقافة الغربية. وقد عدّدت المترجمة بعض المفاهيم الحضارية التي ينبغي على المترجم الغربي معرفة دلالتها وفحواها ليتمكّن من نقل النص العربي بمعناه الصائب والدقيق. كما تناولت المترجمة بربارا المصطلحات التي تفتقر إلى مقابل لها في اللغة اإيطالية بشيء من التفصيل والتوضيح. بينما تناول الروائي السعودي يحيى القاسم تاريخ العلاقات بين الأدب العربي والأدب الإيطالي من خلال الترجمة وذلك ضمن ورقة بعنوان: «الكتب المؤسسة في الذاكرة البشرية.. الآثار الإيطالية أنموذجًا». استهلّ الكاتب مداخلته باستعراض واقع الأدب السعودي ومركزية القاهرة ودورها منذ قرنين في الطباعة والنشر، بوصفها أولى المحطات التي نشرت أمهات الكتب الإيطالية وترجمها أساتذة مصريون. ثم تحدّث عن رحلة ترجمة تلك الكتب المؤسسة والخالدة في تاريخ إيطاليا وتاريخ البشرية عامة، على غرار «الكوميديا الإلهية» لدانتي و«الديكاميرون» لبوكاتشيو و«كتاب الأمير» لميكيافيللي، وذكر أنها كتبٌ تنتمي إلى مرحلة حاسمة في تاريخ الآداب والفنون على أرض أوروبا، انعكست روحها بعد ذلك على كافة بلدان القارة، إبان المرحلة المتعلّقة بظهور عصر النهضة وأفول العصور الوسطى، فهذه الآثار الخالدة ظهرت في عصر التنوير الهام الذي يُعتبر مكسبا كبيرا للإنسان، لما خلّفته هذه المؤلفات وغيرها من بليغ الأثر على الوعي الإنساني الحديث في مجالات السياسة والأدب والشعر. هذا وقد شملت احتفالية اليوم العالمي للعربية في روما إقامة معرض لعدد من الإصدارات الخاصة باللغة العربية، وبعض منشورات مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز لخدمة اللغة العربية. إضافة إلى إقامة فعالية للخط العربي قدّمت عروضا حية للخطوط العربية ولتعلّمها ناهيك عن معرض فني للخط.