أحمد المغلوث
سؤال طرحته على نفسي وأنا أقرأ «النبأ الحزين» عن رحيل صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله. نعم سألت نفسي سؤالا بعدما رحل مثله مثل غيره من الملوك والأمراء والقادة والعلماء والمفكرين والأدباء والمتميزين وعامة الناس في العالم. جميعهم رحلوا إلى رحمة الله ويوما ما سوف نرحل مثلهم. وهذه هي الحقيقة الناصعة البياض. كلون «الكفن». كنت أسأل نفسي: هل ترك الراحل الكبير بصمة ما بعد رحيله، تخلده وتجعل ذكراه دائما مشرقة وبارزة مثل ابتساماته وتواضعه؟ وفي ذات اللحظة كانت الإجابة كبيرة وواسعة بسعة الوطن، نعم لقد ترك بصمات، لا بصمة واحدة، بصمات تجلت في مئات من المسئوليات والإنجازات والأعمال. منذ لحظة تسلمه وزارة المالية ووزارة المواصلات في عهد أخيه الملك سعود، ثم كان سفيراً في فرنسا.. والقارئ لتاريخه المفعم بالإنجازات والمساهمات وحتى المبادرات واهتمامه بالشأن العام وخدمة مجتمعه وفي مختلف المناصب العامة كانت له بصماته الواضحة والتي تكاد تقول «نحن هنا» هنا أخوكم الأمير طلال.. لذلك تواجد سموه رحمه الله في العديد من المجالات السياسية والإنمائية وحتى الإنسانية محليا وعربيا وحتى دوليا.. ولن تتسع هذه «السطور» لرصد العدد الهائل من التي تولاها من رئاسته لمجموعة كبيرة من المجالس والمراكز والمنظمات في مختلف الدول العربية، في الخليج والقاهرة، وتونس، وحتى في أمريكا. فلقد منح الرئاسة الفخرية لجمعيات ومعاهد مختلفة تهتم بالتربية والطب وخدمة المجتمع، وتمتد خدماته ومشاركاته في مجموعة كبيرة من المجالس والمنتديات الفكرية وإلانسانية في فرنسا وسويسرا وأمريكا، وغيرهم من الدول في العالم، وهكذا نجد أن بصماته واضحة وجلية في الداخل والخارج. وطوال عمره الذي يحسب لا بعدد السنوات فقط وإنما بالمنجزات والمشاركات والمساهمات ومازلت أذكر مشاهدتي له رحمه الله عبر إحدى القنوات الفضائية وهو يتحدث بأسلوبه السهل الممتنع وبصوته المميز، وحبه لوطنه ولأمته وقيادته عن مختلف الشؤون والشجون حديث المحب المخلص، والغيور، وبالتالي أمثال أميرنا الراحل «طلال» الذي عاش عمره ليعطي بسخاء من جهده وماله ومشاركاته ومساهماته التي لم تتوقف حتى هزمه المرض.. وليرحل يوم السبت الماضي. لكن بصماته وأعماله باقية تذكرنا به ولتثبت أن سموه كان عاشقا للعمل والفعل ومن هنا تميزت مسيرة حياته بعلامات وبصمات مضيئة ومشرقة مثل شمس وطنه الي أحبه وخدمه في مختلف المجالات.. بل وأحب أمته وخدمها. وسيذكر الذاكرون المراكز التي كان وراء إنشائها هنا وهناك. وهل ينسى الذين درسوا على حسابه الخاص عندما تبنى رحمه الله رحمة واسعة إرسال الشباب السعودي في بعثات تعليمية على نفقته الخاصة للدراسة الجامعية في الخارج في مطلع الخمسينيات، أو الذين تدربوا في أول معهد للتدريب المهني عام 1954م أو تأسيسه لأول مدرسة بنات بالرياص عام 1957م والأحبة أهل مكة لن ينسوا أبدا هديته القيمة قصره «قصر الزهراء» لبصبح أول كلية للبنين.. وماذا بعد لقد ودع الوطن وقادته الأمير طلال.. إلى مثواه الأخير، لكنه لم يودع إنجازاته ومساهماته فسوف تظل على مر الزمن كظلال أشجار النخيل الشامخة في وطن الخير. رحم الله الأمير طلال وأسكنه فسيح جنانه وتعازينا لقيادتنا الحكيمة وأفراد أسرته والوطن و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.