د. جاسر الحربش
النوع الإيجابي من الترفيه المجدد للنشاط يؤدي دور المكافأة المستحقة لمواطن يعمل ويتعب سواءً كان العمل جسدياً أو فكرياً. المهم أن يكون المواطن قد أدى شيئاً مفيداً لنفسه وأسرته ومجتمعه يستحق مقابله الترفيه. بالطبع هناك أنواع مختلفة من الترفيه حسب ثقافة المستهلك وثقافة مقدم الخدمة الترفيهية، التي قد تكون شركة ترسى عليها المهمة «باكينج» ولكن ذلك ليس من اهتمامات هذا المقال.
هدف المقال لفت النظر إلى أن القطاع العريض من مستهلكي الترفيه في وطننا هم من الشباب، وأغلبهم دون سن العمل، أي في المراحل الدراسية الثانوية أو الجامعية. لا بأس، بل ويجب أن تحصل هذه الفئة الكبيرة عددياً من الشباب على بعض الترفيه ويستحسن أيضاً أن لا يكون كله جسدياً استعراضياً دون جرعات فكرية (رقص غناء حفلات أفلام سباقات)، بل مبهراً عن قصد وتخطيط بإضافات ترفيهية فكرية، وهي كثيرة الأنواع ومجربة لمن يبحث عنها. حتى الآن والكلام عن الترفيه، لكن ماذا عن ربط الترفيه بالأعمال التطوعية لفئات الشباب حسب المذكور في عنوان المقال.
الأعمال التطوعية حسب اسمها لا تعني أنها متروكة للاختيارات المحددة والمحدودة فقط بإدراك وثقافة الشباب والشابات، لأن هذه الفئات عادة ينقصها العمق المعرفي عن حاجات المجتمع للأعمال التطوعية التي تفيد المجتمع مثلما تفيدهم هم أيضاً للمستقبل.
من الممكن للأعمال التطوعية أن تكون في الإسعافات الأولية بعد الحصول على بعض التدريب عليها، وفي خدمات دور المسنين والمعوقين، وفي تنظيم المرور في التقاطعات المختنقة، وفي الإرشاد السياحي وفي استكشاف الأماكن الخطرة في الطرق مثل الآبار والحفر المهجورة والمكشوفة التي تبتلع من آن لآخر الأطفال وبعض الغافلين، ولو تم تصويرها تطوعياً والإبلاغ عنها برسائل الكترونية لكفى.
قرأت مرتين أو ثلاثا في الماضي عن قضاة سعوديين حكموا على بعض الشباب الذين ارتكبوا بعض المخالفات بعقوبة أداء أعمال تطوعية كبديل مفيد ورائع عن احتجاز الشاب في التوقيف، وتعريضه للاختلاط بمجرمين حقيقيين هناك. ليت هذه البدائل تتحول من خيارات شرعية إلى ثقافة ومفهوم اجتماعي شامل.
كانت المناوبات الليلية أثناء دراستي للطب في ألمانيا إحدى المهمات التطوعية، ولدى كل مستشفى مئات العناوين للشباب من الجنسين للاتصال بهم عند الحاجة وإيكالهم مهمة الخدمات الليلية البسيطة، مثل إيصال المريض العاجز للحمام أو توزيع الأدوية أو صواني الأكل على المرضى.
جوهر الفكرة هو تقديم الترفيه الذي نشاهد نشاطه المتزايد حالياً كمكافأة مقابل الأداء الوظيفي وليس كخيار لتضييع الوقت.