محمد آل الشيخ
تقول آخر الأخبار أن قطر في حاجة ماسة للسيولة لتعدد احتياجاتها المالية، والعاجلة منها على وجه الخصوص، أو تلك التي تراها حكومة الحمدين كذلك. أهم تلك الاحتياجات الملحة هي في تقديري ما تتطلبه استضافة قطر لكأس العالم عام 2022، خاصة وأن الـ(فيفا) رفعت عدد الفرق المشاركة إلى 48 فريقاً، ما يعني أن عدد الملاعب إضافة إلى الفنادق على مختلف الدرجات، يجب أن يبدأ العمل فيها فوراً. ومتطلبات هذه الفورية ستجعل الحكومة القطرية ترضخ لأي أسعار مهما كانت باهظة، فالوقت من الآن وحتى حلول موعد الأولمبياد المقبل يُعتبر قصيراً بل وقصيراً جداً، وهذا بالطبع سينعكس على قدرتها في الحصول على أسعار مناسبة لهذه المنشآت، التي ستكون قطعاً مرتفعة الثمن، إضافة إلى أن دعم السلع الضرورية لتكون في مقدور المواطن القطري والمقيم، شراؤها يعتبر أيضاً استنزافا لثرواتها التي كانت في الماضي تستثمرها في صندوقها السيادي، لا سيما وأن أزمة مقاطعة الدول الأربع ليس في الأفق أي مؤشرات توحي بأنها في طريقها للإنفراج. لذلك فليس أمام حكومة الحمدين للاستمرار في التحدي إلا المزيد من المال، وبشكل عاجل ومُلح.
وقد أشرت في مقال سابق أنني لوكنت قطريا لتمنيت أن تقوم الـ(فيفا) بسحب هذه الدورة الكروية الضخمة من قطر، وإسنادها إلى دولة أو دول أخرى، وأنا مع مرور الوقت أجد أن هذا هو الحل للحفاظ على ثروات أهل قطر من هذا التبذير غير المبرر، أضف إلى ذلك أن تركيا وإلى حد ما إيران، تعتبران قطر آلة صرف فوري (ATM) وكلتا الدولتين في حاجة ماسة للسيولة؛ تركيا بسبب تدهور سعر عملتها الوطنية، وإيران بسبب الحصار الاقتصادي الخانق عليها من قبل الولايات المتحدة، وتركيا على وجه الخصوص تعرف يقيناً أنها لو تخلت عن قطر فستصبح معزولة تماماً، لا سيما وهي منذ سنة وثمانية أشهر تعيش مقاطعة خليجية أدت إلى تدخل الحكومة بشكل مستمر، لدعم أغلب أسعار، إذا لم يكن كل، البضائع المستوردة. ومشكلة الساسة القطريين أنهم كانوا يأملون أن المقاطعة لن تطول، وأن العالم، وبالذات العالم الغربي، سيضغط على دول المقاطعة لرفعها، إلا أن هذا التفكير الرغبوي يصطدم بحقيقة تقول إن المقاطعين لا يفكرون، ولو مجرد تفكير، في إعادة المياه إلى مجاريها مع هذه الدولة المشاغبة المؤذية، وهم في ذلك لن يرضخوا لأيّ ضغوط.. فقطر ولأسباب موضوعية، يجب أن تنفذ الشروط الثلاثة عشر بحذافيرها، وإلا ستبقى هذه المقاطعة حتى وفاة الأمير الأب الذي هو عملياً المسيطر على القرار في قطر، كما أنه هو السبب في ما آلت الأمور إليه بين قطر والدول الأربع. ويضحك الإعلام القطري على الشعب هناك بالقول: إن الجميع متضررون من المقاطعة، فالضرر كل الضرر ينصب على هذه الدويلة منفردة؛ أما الدول الأربع فليس ثمة أضرار تدفعها إلى رفع المقاطعة، لا سيما وأن حكومة الحمدين ماضية في حربها الإعلامية التي وصلت حد الجنون.
تسييل أصول الصندوق القطري الاستثماري سيمتص أرصدة الثروات القطرية، بالشكل الذي يجعل بطولة كأس العالم فيما لو أقيمت في قطر ليست بذات مردود اقتصادي يضاهي ما سوف تخسره من احتياطيات مالية ضخمة.. هذا طبعاً إضافة إلى أن استعانة قطر بالأتراك لتوفير الأمن للمونديال، سيجعل الأتراك في التحليل الأخير (قوة محتلة)، ومن عادة دول الاحتلال ألا تتخلى عن احتلالها إلا بثمن، والثمن هنا سيفرضه الطرف الأقوى وليس الطرف الضعيف.
ومن يتابع أزمة قطر مع جاراتها سيكتشف بسهولة أن الأمير الوالد كما يسمونه في قطر لابد وأن يصل -إن عاجلاً أو آجلاً- إلى طريق مسدود حتماً.
إلى اللقاء،،،