فهد بن جليد
الباحثون في أمريكا كانوا يضعون دولاراً وطابعاً بريدياً مع كل ورقة استبانة يتم توزيعها، ليضمنوا عودتها إليهم وتجاوب الناس مع أبحاثهم ودراساتهم، مع تطور الاستبانات الرقمية بات موضوع البحث ونتائجه التي يسعى الباحث للوصول إليها هي الأهم في إقناع الناس بالمُشاركة من عدمها، وأخذ جزء من وقتهم لملء الاستبانة الإلكترونية عبر الرابط المرسل، في السعودية ومُجتمعاتنا العربية الأخرى تبدو مُهمة الباحث في الحصول على المعلومة للأغراض البحثية أصعب بكثير، مع عزوف الناس وتخوفهم عن الإدلاء بأي معلومة أو الإفصاح عن إجابة تُساعد في التحليل والوصول للنتائج، هناك أسباب شخصية ومخاوف مُتعدِّدة وثقافة مُتوارثة بين الأجيال، والغريب أنَّنا جميعاً نُطالب بأبحاث محلية، ونتساءل عن سر غياب الأبحاث الطبية والصحية السعودية، ورغم ذلك نرفض التجاوب معها بسهولة؟.
السعوديون الذكور حتى الآن هم أكثر تفاعلاً من الإناث في التجاوب مع الأبحاث العلمية، كما أنَّ هناك ارتباط طردي بين ارتفاع الدرجة العلمية ونسب المُشاركة، اليوم نحن نتحدث عن مُبادرة (شارك) التي تكمل عامها الأول بعد أن أطلقتها هيئة الغذاء الدواء، وهي مُبادرة تستحق الإشادة بها لأهدافها السامية في رفع درجة الوعي بين أفراد المجتمع، وتشجيع الناس على المشاركة في الأبحاث الصحية، والنهوض بالمُشاركة المُجتمعية البحثية من مستوى 1 إلى مستوى 4 خلال 2019، ودراسة أسباب العزوف واكتشاف العوامل المشجعة على المُشاركة، إضافة لبناء أكبر فريق تطوعي مهتم بمجال الدراسات والأبحاث، مع إنشاء قاعدة بيانات للمُهتمين بالمُشاركة في هذه الاستبانات الصحية، وهو ما يعني عملياً أنَّ من لا يُشارك يفقد فرصة التأثير على نتائج الدراسات، تماماً مثل من يعزف عن التصويت على أي قرار يخص عمله أو بيته، ليتقبل لاحقاً التفاعل مع النتائج كواقع مُعاش.
المُبادرة ذهبت إلى ما هو أبعد من النهوض بالمُشاركة المُجتمعية البحثية، فهي تطمح لتكوين سجل وطني للخبراء والباحثين من مواطني المملكة في المجالات الصحية، بهدف ربطهم بالفُرص البحثية والاستشارية والتطوعية، وهذه خطوة مُتقدمة لتجويد الأبحاث والاستفادة من الكفاءات والخبرات السعودية.
وعلى دروب الخير نلتقي.