سُوقي الأعاصيرَ يا غَبراءُ أو قُودي
(طُويقُ) باقٍ بقاء البيض والسُّود
راسٍ، تَعُودُ رياحُ السُّوء خائبةً
عن راسخ منه في الأعماق مشدود
راقٍ، يزاحم عِزَّ الشمس مَنكِبُهُ
ورأسُه في شُموخ غير محدود
رانٍ إلى فوق، لا تَنْكَبُّ نَظرتُه
في قاعِ مستنقعٍ أو قعر أُخدود
فما تنالين يا غبراءُ من جَبَلٍ
سامٍ من السبع حتى السَّبع ممدود؟
شعبٌ من النور، مفطورُ الفؤاد على
عهدٍ من الحُب والإخلاص معقود
نَسلُ النَّبيين ما فينا ولا معنا
إلا حفيدٌ لـ(إسماعيل) أو (هود)
في موطنٍ لم يزل للمسلمين به
(فُلكُ النجاة) من الطُّوفان (والجودي)
به حِمى الحرمين الأشرفين على
هُدى الذي فاق حمداً كلَّ محمود
في دولة كانت الدنيا بمولدها
كعَاقر آنَسَت بُشرى بمولود
عهدُ الإمامين صان الدِّين في يدها
في مشهدٍ من عُلا الإسلام مشهود
من ذلك الحين حتى اليوم ما انحكمت
إلا لذي نعمة في المجد محسود
حتى أناخت مطاياها مُجلَّلةً
في ظلِّ عصرٍ نضيد الطلع مخضود
ظلٌّ بـ(سلمانَ) مدَّ الله وارفَه
في يوم سعدٍ لدين الله موعود
يومٌ به قد محا التاريخ ما نقشت
أوهامُ أعدائنا في كل جلمود
وراجعت كلُّ نفس ما يحيك بها
من كيد نفَّاثة أو غِلّ مكمود
فإن يكن تحت عين الشمس من بلد
ساد البلاد بفضل غير مجحود
فبـ(السعودية) الدنيا تتيهُ كما
تاهت هذيلُ بأمجاد (ابن مسعود)
ثقيلةُ الساق في الميزان، عاليةٌ
يمينُها فوق أيدي الناس بالجود
وإن أتت كلُّ أرضٍ في الوجود بما
جنَتهُ من خطأ فيها ومنقود
أتى سوانا بعيب لا يُعدُّ، وقد
جدئنا بعيب ببعض الكفِّ معدود
مغمورةٌ في بحار من فضائلنا
فريدةٌ قد جنتها كفُّ مفرود
قُمنا نُطهِّره مما جنت يدُهُ
بمنهج لكتاب الله مردود
وبالمحبة نأسو جُرح إخوتنا
في مأتمٍ بعظيم الحُزنِ مورود
وقامَ يُلقِي علينا كلَّ موعظة
كذابةٍ: كلُّ سَفَّاح ونمرود؟
ولو تمكنَ من ذي الأرض ما تركَت
أحقادُه في حماها نفسَ موجود
يا أبرأ الناس من إفك رُميتَ به
لا لست وحدك في هذا بمقصود
ضاقوا بوحدة شعبٍ لا انثلامَ لها
وحدِّ سيف على الفُسَّادِ مجرود
برؤيةٍ تخرقُ الآفاقَ سِرتَ بها
في مَسلك باتِّقاد الفكر ممهود
بهمَّةٍ هِجتَ أحلامَ الشباب بها
فأيقظَت من رؤاهم كلَّ موءود
بهبَّةٍ فُجِعَت نارُ المجوس بها
فأخمدَت من لظاها كلَّ موقود
ضاقوا وقد ردَّدوا الأبصار في أفقٍ
عنهم بعزمك في الأقطار مسدود
فاشدد يمينك لا كلَّت عزيمتُها
بحُبِّ شعبٍ لما أحببتَ محشود
يأتونَ (سلمانَ) إن أوما بحاجبهِ
حشداً كجنِّ سليمان بن داوود
** **
شعر: د. محمد بن علي العمري - أبها، ربيع الأول 1440هـ