د.عبدالعزيز العمر
لأن قيادتنا السياسية تعلم يقينا أن تطوير تعليمنا هو اليوم التذكرة التي تسمح لنا بدخول نادي النمور الآسيوي فقد خصصت بلادنا للتعليم هذا العام ميزانية مجزية، قدرها 192 مليار ريال، وهي تمثل ما نسبته 17 % من الميزانية العامة للدولة (وهي نسبة مقاربة لما تخصصه كوريا الجنوبية لتعليمها). وفوق ذلك، وبخلاف معظم دول العالم، تقدم بلادنا لمواطنيها تعليمًا عاليًا مجانيًّا (وهو تعليم عالي التكلفة). الواقع يقول إن ما تخصصه بلادنا للتعليم من ميزانيات هي ميزانيات يسيل لها لعاب أي نظام تعليمي في منطقتها، أوفي إقليمها. جدير بالذكر أن حجم ميزانية التعليم بحد ذاته ليس هو فقط الذي يحدد جودة التعليم، بل إن كفاءة الصرف على التعليم من هذه الميزانية لا تقل أهمية عن مقدارها. والتحدي الأكبر هنا - كما ذكر معالي وزير التعليم - هو كيف نوظِّف ميزانية التعليم بأفضل كفاءة ومهنية ممكنة؛ لنحقق الأهداف التي يتوجه إليها تعليمنا ورؤيتنا الوطنية؟ وهذا يتطلب أن يكون لدينا من الهيئات المهنية التعليمية والمؤسسات المحاسبية والرقابية والقضائية المتخصصة ما يكفي لإغلاق أي باب يمكن أن ينفذ منه كل من تنقصه المهنية التعليمية أو كل من يسيء استخدام المال العام التعليمي من أصحاب السلطة أو ممن يفوضونهم. لا يكفي اليوم أن نطلق مشروعاتنا ومبادراتنا التعليمية، ونطلب من جهات التمويل تأمين الميزانية الكافية لها، بل لا بد أن يتم تحديد ما يتم دفعه للمشروع التعليمي من أموال في ضوء ما يُتوقَّع أن يحققه المشروع من إضافات نوعية للتعلم، ويجب أن يتقرر مقدار وإجراءات التمويل في ضوء معايير مهنية وآليات تقويم محددة.
باختصار: يجب أن يقدم أصحاب المشروع أو المبادرة التعليمية من الدلائل والمؤشرات ما يقنع جهة التمويل والهيئة المختصة بأن المشروع ذو جدوى تعليمية عالية. وما لم يتحقق ذلك فسيذهب المال التعليمي هدرًا.