علي السوداني
يخوض العالم اليوم حرباً كونية لا متناهية في البحث عن مصادر الطاقة البديلة فعلاقة الإِنسان وحاجته للطاقة كعلاقة الروح للجسد. هذا ما قدمه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لشعبه ومواطنيه، إنها الفكرة تحت مسمى «الرؤية السعودية 2030» عند الغوص عميقاً في دراسة «الرؤية السعودية 2030» نتعلم الكثير وحينها سينتابك الشعور بالتمني لو أنها كانت رؤية عالمية وليست سعودية فقط، فهذه الرؤية كسلامة المحتضر من الموت إن خصخصة الاكتتاب العام المحلي في شركة أرامكو (شركة النفط الحكومية) بنسبة صغيرة ونقل الأسهم المتبقية إلى صندوق الاستثمار العام في البلاد يعد تفكيراً بمنتهى الذكاء سيقود البلاد إلى الحصول على سيادة صناعية وطاقة إنتاجية محلية متحررة من سيطرة الصناعات الخارجية كما يعد ترحيب ولي العهد السعودي بالعمالة العربية من خلال الاقتراح القائل إن المغتربين العرب سيكونون قادرين على الحصول على البطاقات الخضراء، مما ينهي نظام الكفالة الحالي قد رحب بهذا التحرك في جميع أنحاء العالم العربي وهو ما يزيد إيجابياً للقوة السعودية في المنطقة، فضلاً عن مرونة سوق العمل في الداخل كما يجب الانتباه إلى الجانب السياحي في الرؤية السعودية فعند دراستك للرؤية وأبعادها ستجد أن الهدف السياحي الطموح لزيادة أعداد السياحة بخمسة أضعاف، إلى 30 مليون زائر سنوياً بحلول عام 2030 يشكل تغييراً جذرياً في نمو التفكير السعودي المتقدم عالمياً في مجالات مختلفة في يومنا هذا المملكة العربية السعودية ومنذ تأسيسها في 23 سبتمبر 1932 كانت وما زالت تحتفظ بالأهمية التجارية والاقتصادية لجيرانها بشكل خاص والعالم بشكل عام وخاضت المملكة العربية عدداً من الإصلاحات المتقدمة طوال الفترات السابقة لكن لم تكن بالمستوى الذي يليق بمكانة المملكة في العالم إِذ إننا نعيش اليوم في عصر جديد وهو عصر الطاقة والبحث عن البديل، هذا يعني أن المملكة بحاجة إلى رؤية متقدمة تواكب متطلبات عصرنا الحالي وهذا ما جاء به ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إِذ إنه ينتمي إلى الجيل الذي سيواجه عصر ما بعد النفط وتأتي هذه الرؤية لتنقذ الإصلاحات المتأخرة نتيجة ارتفاع أسعار النفط في السنوات السابقة حيث لم يعد الاهتمام بالنفط كطاقة أولية واستبدالها بالطاقة المتجددة أصبح من الضروري على جيران المملكة دراسة محتوى الرؤية السعودية بدقة للاستفادة من مضمونها وتطبيقه علأرض الواقع والباحث في اقتصاد المملكة سيجد أن الاقتصاد السعودي حقق نمواً سنوياً في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.8 في المائة فقط بين عامي 2003 و2013، أي أقل من معظم الاقتصادات الناشئة وهنا تأتي «رؤية 2030» لإنقاذ الاقتصاد السعودي من خلال الحد من دور القطاع العام والبيروقراطية مع تمكين القطاع الخاص في الوقت نفسه ليصبح صاحب العمل الرئيس والمرتكز للنمو الاقتصادي. وتدعو الخطة إلى إنشاء صندوق ثروة سيادي ضخم يتم تمويله من خلال اكتتاب عام أولي لم يسبق له مثيل (IPO). بحصة تبلغ 5 في المائة في «أرامكو» ونتعلم أيضاً من «الرؤية السعودية: بأن الاستثمار في رأس المال البشري هو أساس النجاح لأي مشروع مراد تشييده، فالتركيز على تثقيف الجمهور يعد من أهم العوامل التمكينية الحيوية لإنشاء قطاع خاص قوي ومبتكر، تعاني منطقتنا العربية اليوم من الاستخفاف بالموارد البشرية المحلية والاعتماد على الخارج بشكل شبه تام باختصار، حددت «الرؤية السعودية 2030» خريطة الطريق للأجيال القادمة لتزدهر وتعيش في دولة اقتصادية مستقرة حيث يتضافر القطاعان العام والخاص لتطوير دخل الدولة عالمنا العربي بحاجة إلى الحد من اعتماد الاقتصاد على النفط من خلال تنمية الصناعات والقطاعات الأخرى، كما أننا بحاجة إلى زيادة مشاركة القطاع الخاص وزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي وذلك من خلال تشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتسهيل تدفق الاستثمار الخاص وتحسين البيئة الإدارية والإجرائية لتمكين الاستثمارات الكبيرة ولكن الواقع الذي تعيشه المنطقة العربية من نزاعات وخلافات يقول إننا فشلنا في أن نتعلم من الرؤية السعودية.
** **
كاتب وروائي - الولايات المتحدة الأمريكية، جورجيا - إتلانتا