محمد جبر الحربي
1.
يُطرَقُ بابٌ..
تفتحُ سيدةٌ مِنْ تينٍ وحنينٍ وعطورْ.
يا هذا الطارقُ مَنَ أنتَ، تفضّلْ
يدخلُ..
لا شيء كما يعرفُهُ
لا السيدة هناكَ كما يرجو
لا شيءَ سوى الوهمِ يقودُ الحالمَ للشبَّاكْ.
يُسرِع للنافذةِ ويفتحُها
روحٌ في النافذةِ الأخرى
روحٌ أخرى تتلوّى مثلَ ضَياعٍ
وتدورُ على أضلعِها فتثورْ.
تبحثُ عن سيدةٍ من مطرٍ وضبابِ بخورْ.
ترقصُ..
يرقصُ كالعصفورِ المذبوحِ على طبَقِ النورْ.
2.
قالتْ سأتوبْ.
ما تابتْ..
لا يسقطُ من هذي السدرةِ
غيرُ ذنوبٍ تقضي لذنوبٍ نحو ذنوبْ.
لا يسّاقطُ منِ شجر التفاحِ سوى ما نخشى
من هذا الأحمرِ كم عشنا
حتى صارت بالفطرةِ تخشاهُ قلوبْ.
3.
قالتْ عاليةٌ من شجرٍ في ضَجرٍ
أحبيبَ القلبِ مُحَمَّدْ.
كانتْ ترفعُ أغصانَ الفتنةِ عنْ عينيها،
مدركةً سرَّ أنوثتِها: روحي متعبَةٌ
قلتُ لها:
هاتي جرحكِ،
هاتي القلبَ،
إذا ما اجتمعَ القلبانِ،
يفيضُ النهرُ، ويغسلُ ما كان من الليلِ،
وتأتي الطيرُ تغنّي ما اخترتِ،
ستزهو كلّ زهورِ الأرضِ الجالسةِ إليكِ،
وتُسعِدُ عينيكِ، وتَسْعَدْ.
4.
افتقدتُكِ
قال الغريبُ.
- اقتقدتُكِ
قالَ الحبيبُ.
افتقدْتكما قالت الأرضُ،
والأرضُ أنثى انْتشتْ، فشَدَتْ،
فتقطّعَ قلبٌ،
وقامتْ إلى الماءِ عينٌ بكَتْ فشكَتْ:
أنتَ يا بْنَ الكِرامِ، ويا صاحبَ العِشقِ
يا ذا المُحِبُّ المعتَّقُ منها وفيها الزَّبيبُ.
ثمَّ قاموا معاً..
ورأيتُ ثلاثتَهم كالنجومِ، ابتهجتُ، فقلتُ:
لَكَمْ يحفظُ الحُبَّ غيبٌ،
وكَم يغمُرُ الناسَ في الأرضِ بالناسِ طِيبُ.
5.
العالمُ يقتلُهُ الساسةُ،
والساسةُ إنْ ضلُّوا حلَّ القتلُ بلا رحمَةْ.
مستاءٌ، فأنا وحدي،
وأنا المعنِيْ.
والقلبُ حزينٌ..
ويحارِبُ بالشِّعرِ الظلمَ،
وبالضوءِ العتمَةْ.
أمّا العينان فتبتسمانِ
لكي لا تقلقَ طفلةُ قلبي
كيْ لا يجرحَ خدَّيها حزْنِيْ.
حتى إنْ جاءتْ جادتْ بالعطرِ عليَّ..
وبالمنِّ، وبالبَسمَةْ.
فازادنتْ بالأمطارِ الصَّحْرَاءُ..
وكانتْ، ما أجملَها، للجاراتِ مِنَ الأشجارِ،
وقدْ شحَّ هواءٌ،
فغَدَتْ نسمَةْ.