سمر المقرن
يعتقد -بعضهم- أن الدعوة إلى تمكين المرأة، يعني أن يُزاح رجل من منصب أو مقعد وظيفي وتحل مكانه امرأة. هذه الفكرة المغلوطة هي ما أوجدت اللبس الحاصل والهجوم تجاه الفكرة ومن يحمل لواءها. ولو فهم هؤلاء معنى تمكين المرأة لتغيرت نظرتهم، حيث إن التمكين يعني منح الفرصة للمرأة المؤهلة للمقعد الوظيفي أو المنصب، ولا يكون بتوظيف امرأة مكان رجل، ولا يكون بتوظيف امرأة في مكان ليست مؤهلة له فقط لهدف «نسونة» المنصب أو الوظيفة.
فكرة التمكين ألا يأخذ المكان رجل غير مؤهل فقط لأنه رجل، ولا تأخذ المرأة المكان لأنها امرأة، إنما لا تُحرم المؤهلة من العطاء والمشاركة، هذا واقع التمكين بفكرة مبسطة، يقابلها فكرة أن الرجل (أولى) وأنه ملزوم بالصرف على المرأة وهو من يعولها. في حين أن المعطيات الحالية كلّها تقوم على فكرة المشاركة بين الزوجين، ولم يعد الرجل ذلك الذي كان في الزمانات القديمة الملتزم بمصاريف بيته وإن كانت زوجته أغنى منه، فالوضع الحالي فيه كثير من المشاركة إن لم يكن الاعتماد معظمه أو كلّه على دخل المرأة، ولا ننسى أنها أيضاً تعول أسرة وتفتح بيتًا وتصرف عليه، وهذا يُلغي فكرة أن الرجل (أولى) فلم يعد هناك من هو أولى، إنما هناك المؤهل للمكان والمقعد الوظيفي!
في مجتمعنا، لم نعد نعاني من قضية تمكين المرأة، لأنها بدأت تأخذ حقها وفق مسارات صحيحة. إنما المهم في ظل هذه المتغيرات استبدال ثقافة المنافسة غير الشريفة، والإيمان بأن المجتمع لا ينهض إلا بسواعد أبنائه من الجنسين، وأن تعطيل المرأة سيضر المجتمع أولاً قبل أن يضرها، وسوف يطال الضرر الرجل لأنه سيشعر بالإنهاك جراء مضاعفة الأعباء عليه. أضف إلى ذلك حالة النمو الاقتصادي الناتجة عن المشاركة الكاملة للمرأة في مجالات العمل، ولعلي هنا في وارد استرجاع الدراسة التي قامت بها مجلة (فورتشن) الأمريكية، التي ظهرت نتائجها أن الشركات التي تتواجد النساء في مجالس إدارتها تحقق عوائد مالية أكبر.
جملة القول، أن الواقع يفرض التغيير، والتغيير بحاجة إلى مراجعة داخلية وحسم الجدل العقيم والنظر للحياة من زوايا أكبر وأوسع من تلك النظرة الناتجة عن ثقافة بالية لا مكان لها اليوم في حياتنا.