د. عبدالرحمن الشلاش
ينظر إلى المملكة العربية السعودية على أنها دولة دائماً في الطليعة وفي محط أنظار العالم، وهي ليست كدول أخرى غيرها تعيش على الهامش دون أن يكون لها أي تأثير يذكر في السياسة الدولية، فالسعودية دائماً عضو رئيس في أي حوار حول مستقبل المنطقة وأمنها واستقرارها لذلك ظلت وما زالت مؤثرة في حالات السلم والحرب، ونتيجة لدورها البارز تحملت الكثير وضحت في كل الأزمنة دعماً لكل قضايا الحق، وظلت القوة الاقتصادية الأكبر في المنطقة ضمن دول العشرين في العالم متقدمة على دول ذات إمكانات كبيرة وتاريخ معروف.
أعلنت قبل يومين الميزانية برقم يعد الأكبر في تاريخ المملكة وبنسبة عجز ضئيلة مقارنة بحجم الميزانية ما يدل على نجاعة الإصلاحات الاقتصادية في زمن يعاني فيه الاقتصاد العالمي من حالة هبوط حادة، وكان للأمر الملكي الكريم باستمرار صرف بدل المعيشة لعام آخر الأثر الأكبر لدى المواطنين. برغم الارتباك الاقتصادي العالمي ظلت المملكة محتفظة بتوازنها وثبات سياساتها في وقت تعاني فيه دول كثيرة من حالات كساد مخيفة وانتشار للفقر والبطالة. المواطن الواعي يدرك جيداً هذا الواقع الجميل مع ميزات أخرى توضع في الميزان مثل الأمن والأمان والخير الكثير الذي يعم البلاد وقبل ذلك حرص الدولة الكبير على تحقيق طموحات المواطنين، والمحافظة على بنود الرواتب والمكآفات والبدلات، ورصد المبالغ اللازمة لتنفيذ المشاريع الحيوية، والسعي لتحقيق أهداف جودة الحياة والرفاه الاجتماعي، ومحاولة إيجاد مصادر دخل أخرى غير النفط.
ظلت ميزانية الخير تصدر طيلة السنوات الماضية دون توقف بحمد الله رغم ما مرت به البلاد من ظروف في تلك الفترات، ولعلنا نتذكر الحروب التي أثرت على المنطقة برمتها، وما خلفت من كساد اقتصادي ألقى بظلاله على دول كثيرة وخصوصاً دول الخليج، وعلى الرغم من الإجراءات التي اتخذتها المملكة في ذلك الوقت بإلغاء بعض البنود غير الأساسية إلا أن الميزانية ظلت تصدر سنوياً وبأرقام معقولة تضمن الاستمرار في التنمية إضافة إلى تأمين معيشة الناس دون أن يتأثروا بنتائج تلك الحروب وما سببته من إرهاق اقتصادي لدول المنطقة.
المملكة العربية السعودية القلب النابض في وسط هذه الأحداث يمارس فيها المواطن والمقيم حياته الطبيعية في ظل أمن واستقرار دون أن يشعر أي منهم بأي تأثير لما يحدث حوله. المبهج أن تفهم الناس كان عالياً لأهداف الإجراءات في وقت سابق وأنها تهدف إلى تجنيب البلاد أي ديون إضافية، وأن الارتفاع الطفيف لن يكون له تأثير بل على العكس سيؤدي للترشيد على المدى الطويل خصوصاً أنه إجراء لا يلمس المعيشة والاحتياجات الأساسية من أي جانب، وستظهر مع الوقت نتائج مفرحة للجميع.