فيصل خالد الخديدي
النقد أحد أركان العملية الفنية، وهو داعم ومنظم للممارسة التشكيلية، ويعد حلقة وصل بين الفنان الممارس والمجتمع المتلقي، ونقطة نظام بين الفن والذوق العام في المجتمع، ومنسقًا للحوار بينهما، ويمثّل النقد الفني صوت المجتمع والجمهور من جهة، وصوت للفن والفنانين من جهة أخرى, وهو ما يضيف للمشاهد فوق مشاهدته للعمل الفني، ويوضح الغامض عليه، ويشي للفنان بمكنونات لم يدركها في عمله، ويأتي كعملية تفاعلية بعد المنجز الفني، وبين المنجز والمتلقي، وتغذية راجعة للفنان منجِز العمل... هذه شيء من الصيغة المأمولة لدور النقد في الممارسة التشكيلية, ولكن يبدو أن الساحة التشكيلية المحلية لها رأي آخر في التعاطي مع النقد التشكيلي سواء على مستوى الممارسة النقدية أو التلقي والقبول, فمعظم إشكالات الساحة التشكيلية تُرمى على النقد والنقاد بين إنكار وجودهم وتقليل من دورهم وعدم تقبل لما يقدم من مقاربات نقدية تستصلح وتصحح المسار وتثقف وتنور أطراف العملية التشكيلية.
وربما لا يلقى اللوم كله على المتلقي أو الفنان الممارس في تعاطيه هذا مع ما يقدم من الممارسات النقدية لأن هناك أقلاماً دخيلة لا تمت للكتابة بصلة لا أسلوباً ولا معلومة ولا حتى إملائياً، فتجدها تكتب التنوين نوناً وتنشر لها الصحف الإلكترونية دونما تدقيق على صحة المعلومة ولأسلامة الكتابة وأهم ما في الأمر بالنسبة لهم تذييل الكتابة بالناقد أو الناقدة أو الكاتبة والكاتب والألقاب منهم براء, وحتى من يمتلك المعلومة والمعرفة من بعض الأقلام تجده مبالغاً في النقولات والقص واللصق من المقولات, وإن أورد رأيه فهو بلا حيادية ولا منطقية في تضليل للقارئ وتغييب لحقائق تاريخ الممارسة التشكيلية المحلية.
إن العلاقة بين الفنان الممارس والناقد المتمكن لن تصل إلى بر الرضاء وبحر الفائدة إن لم يكن هناك تقبل ومنطقية في التعامل والتخلي عن الأنا من الطرفين فليس من المعقول ولا المنطقي أن يُصنع لكل فنان ناقد يناسب تطلعاته, ومن المعيب أن تكون همة الناقد الإشارة للقمر والوصول له وهم الفنان لا يتجاوز حدود النظر لأصبع الناقد.