محمد المنيف
لو عدنا إلى بدايات انطلاقة الفن التشكيلي في السبعينات الميلادية وما تلاها من سنوات الدماء الساخنة والمنافسات المتتابعة والحماس المتواصل ممن في الساحة التشكيلية على مختلف أجيالهم يقابله فعاليات لا تنقطع تقيمها الرئاسة العامة لرعاية الشباب. منها معرض مراسم الأندية ومعرض المناطق ومعرض المقتنيات ومعارض المشاركات الدولية ومعرض التشكيليات ومعرض الشباب ومعرض الميديا (المفاهيمية) وصولاً إلى معرض الفن التشكيلي السعودي المعاصر... إضافة إلى معارض جمعية الثقافة والفنون مركزها الرئيس الفردية أو الجماعية، جميعها أفرزت رواد الفن التشكيلي، يضاف لها معارض فروع الجمعية في الرياض والمنطقتين الشرقية والغربية (مكة حاليًا).. هذه المعارض والمسابقات كانت لا تتوقف فيها تجارب الفنانين ولا تنطفئ فيها أضواء مراسمهم ولا تجف ألوانهم أو تتراجع حالات الإلهام والاستلهام في عقولهم. لقد حققت تلك المعارض والفعاليات المبرمجة سنويًا أهم أهداف هذا الفن وهو إثراء المجتمع بها واستنباط واستحضار تجارب وأساليب تحمل هوية البيئة والمجتمع مؤطرة بالقيم والتقاليد وموثقة لها..
أما اليوم فلم يعد هناك لتلك البرامج المبنية على إستراتيجية مستدامة حضور يجعل الفنانين يضعون لها الحسابات والاستعداد ويدرجونها ضمن أجندتهم السنوية، بل أصبح الفن التشكيلي في حالة بعثرة وتكاثر لفعاليات لا تتكرر أو لا تجدي نفعًا للفنان ولا الساحة، يقوم بها مؤسسات خاصة أو صالات عرض، تحضر اليوم وتغيب غدًا، يستثمر فيها مؤسسات خاصة اندفاع الشباب دون مردود لهم، إضافة إلى افتقار الساحة لمسابقات أو معارض لها أوقات محددة دورية ذات أهداف وقيمة فنية وثقافية لا أن تكون الفنون التشكيلية فيها مجرد إكمال ناقص أو تحصيل حاصل، متذبذبة المستويات ميالة للتشجيع أكثر منها اهتمامًا بالجودة والارتقاء بمستوى الفن..
لكننا سنحسن الظن في مستقبل وزارة الثقافة وهيئة الثقافة رغم بطء إنجازاتهم وعدم وضوح الرؤية فيما سيقدم وكيف سيكون ومتى وهل سيكون للخطوات برمجة تستوعب اختلافات الخبرات والتجارب بين هواة ومواهب ومحترفين، وهل سيكون لكل برنامج موعد محدد وثابت سنوي ليعد له الفنانون العدة مع كل موسم.