خالد الربيعان
إذا جئت لك بـ10 أطفال سعوديين، وقمت بإلقاء أسئلة رياضية.. قل مسابقة في ثقافة كرة القدم، ليس المحلية فقط، بل العالمية أيضًا. 7 منهم على الأقل سيجيبونك بإجابات ربما تعتبرها خارقة! الطفل ذو السنوات الثماني - ما شاء الله تبارك الله.. وهذا عن تجربة - يحفظ اللاعبين العالميين عن ظهر قلب، يتعرف على شعار أي نادٍ يراه في مباراة، قمصان الأندية والمنتخبات يهوى شراءها وارتداءها في بيته!
شيء لافت جدًّا.. وتؤكد ذلك التقارير العالمية التي فاجأتنا أن الشعب السعودي رابع شعوب العالم اهتمامًا وحبًّا لكرة القدم! بنسبة من السكان بلغت 74 في المائة؛ الأمر الذي يؤكد لك أنه إذا قمنا بإشراك فئات هذا الشعب، خاصة الأطفال والشباب الصغير، في كرة القدم «ممارسة» لا مشاهدة فقط ستكون النتيجة مذهلة!
لذلك كان أحد أهم القرارات التي أعتبرها «فاصلة» و»تاريخية» في مسيرة الرياضة السعودية هو إطلاق دوري المدارس. وللعلم، قمت بالإشارة إليه في مايو الماضي، أي قبل أكثر من 5 أشهر، وقلت وقتها إنه أهم قرار من قرارات هيئة الرياضة السعودية التي حققت طفرة بالفعل، ليس في كرة القدم فقط، بل غيَّرت ملامح الرياضة السعودية.. بالمرة!
الأمر ببساطة: اتفاقية لإطلاق بطولة دوري المدارس السعودية تحت اسم بطولة النخبة الوطنية والبطولة العامة لاكتشاف المواهب الصغيرة في مدارس المملكة العربية السعودية. 4 آلاف فريق لكل فئة عمرية، يلعبون 6 آلاف مباراة في البطولة العامة، ثم 1000 فريق في بطولة النخبة، وهي مخصصة لسن 15 و18 عامًا، يخوضون بدورهم 1500 مباراة، ثم دور الـ 16 على مستوى المملكة على استاد كامل المواصفات والإمكانيات بمعرفة هيئة الرياضة.. ويتم كل هذا في مدة 4 أشهر فقط من يناير حتى إبريل من العام الذي تهل بدايته بعد أيام.. بحق إنه استثمار رائع.
كتبتُ مرارًا عن بدايات الثورات الرياضية في الدول الأوروبية العملاقة كرويًّا الآن، وكيف أنهم بدؤوا جميعًا من هذه النقطة! (الموهوبون الصغار).. الخطة الصينية للدخول في عالم الاقتصاد الرياضي كان أول هدف فيها هو بناء 50 ألف مدرسة كرة قدم، و70 ألف ملعب كرة قدم، تخدم ذلك وتستوعبه. في ألمانيا، وفي بداية خطة النهوض عام 2000، ألزمت الحكومة الألمانية 36 ناديًا في دوري المحترفين «بوندزليجا» ودوري الدرجة الأولى بأن يكون لكل نادٍ أكاديمية للموهوبين والناشئين، وأنفقت الأندية أكثر من نصف مليار يورو في 2001 على ذلك. كانت النتيجة برونزية كأس العالم 2006، برونزية كأس العالم 2010، بطل كأس العالم 2014! ولا ننسى فضية يورو 2008، ومربع ذهبي يورو 2012. كل هذا مشروط بمستوى فني كبير، إضافة إلى تألق الأندية الألمانية في البطولات الأوروبية.
التجربة الفرنسية في التسعينيات الشيء نفسه، والنتيجة فرنسا بطل العالم 98 وأوروبا 2000 والعالم 2018! وهولندا كذلك، وإسبانيا عن طريق أكاديميتين: «لاماسيا» برشلونة، و»كاستيا» ريال مدريد!
إذن، بطولة المدارس السعودية أعتبرها إحدى كبرى البطولات عالميًّا وقاريًّا؛ لأننا نتكلم عن أكثر من 7 آلاف مباراة بطول وعرض المملكة! ولكم أن تتصوروا عدد المواهب الناشئة الصغيرة المبهجة، كم سيكون! وعن مستقبل الأندية السعودية نتيجة ذلك.. والمنتخب السعودي.. بالطبع!
رعاة.. من فضلكم!
أتمنى عبر هذه الزاوية أن يقرأ المستثمرون والشركات الوطنية السعودية الكبرى هذا النداء، ويعتبرونه دعوة للمشاركة بالرعاية والشراكة لهذه البطولة ومراحلها المختلفة، حسبما يرونه من استفادة؛ فالرعاية معناها إنجاح لهذا الحدث الضخم والتاريخي الذي يشارك فيه أبناؤنا جميعًا في مدارسهم.. وربما فيما بعد ترى أسماءهم في تشكيل نادٍ كالهلال أو النصر أو الأهلي أو الاتحاد.. ومن يعرف؟.. ربما يكون ولدك نتيجة لبطولة مثل هذه نجمًا يلمع أمام كاميرات المصورين خلال مباريات كأس العالم!