ماجدة السويِّح
تهيمن النساء على مهنة العلاقات العامة في الولايات المتحدة الأمريكية حيث تبلغ نسبة النساء المشاركات في سوق العمل حوالي 70 % من مجموع العاملين، لكن بالرغم من ذلك تقل نسبة مشاركتها في الإدارة العليا.
ظاهرة قلة مشاركة المرأة في المناصب القيادية تعود في ظاهرها لعدة عوامل منها درجة التأهيل العلمي، الخبرة، وكذلك الظروف الاجتماعية التي تتطلب من المرأة جهدًا مضاعفًا للموازنة بين مسؤوليتها الوظيفية والأسرية، ورعاية الأطفال في بيئة عمل تفتقر للمرونة، التي بدورها تقلل من تواجدها في المجالس التنظيمية.
كما أن استبعاد النساء من القيادة يعود أيضًا لعامل خفي غير مرئي، حيث يشكل السقف الزجاجي «Glass Ceiling» حاجزاً خفياً وغير ظاهر لاستبعاد النساء من المهام القيادية، وكما أسلفت سابقًا في مجال العلاقات العامة وكذلك مجال الإعلام يتضح هذا الحاجز في نظرية «السقف الزجاجي» التي توضح تأثير الخط الفاصل بين النساء وتحقيق طموحاتهن المهنية في بيئة ذكوريّة، فالقادة الرجال في أمريكا عادة ينظرون إلى النساء وكذلك الأقليات العرقية على أنهم أقل كفاءة من الرجال البيض، على الرغم من أن النساء يستثمرن علمهن وطاقتهن في العمل، فإن جهودهن غالبًا لا يتم ملاحظتها، لأن القادة كبار السن هم عادة من الرجال البيض، لذا على النساء مضاعفة الجهد، والتغلب على الحواجز غير المرئية، التي تمنعهم من تحقيق النجاح الكامل، والوصول للمناصب القيادية.
في بيئتنا المحلية تتضاعف أعداد الفتيات والنساء المتعلمات والمثقفات، وتبهرنا الكثير من إنجازاتهن المحلية والعربية والدولية، لكن في المقابل أسماء قليلة هي من تشارك وتواجه الجمهور في المحافل الثقافية والأكاديمية، حيث تعاني المثقفات والأكاديميات من الوصول للمجالس التنظيمية التي تسود فيها كلمة الرجل، كما تعاني أيضًا من الاستبعاد من المشاركة، وإدارة تلك الفعاليات، أو الظهور للجمهور في مناسبات عدة، بسبب السقف الزجاجي الذي يخلقه الرجل، وتدعمه البيئة التنظيمية، التي تفتقر أحيانا للمرونة والعدل في التعامل مع المرأة.
ولعل أحدث مثال تم فيه استبعاد الأسماء النسائية إعلان جدول الملتقى الثقافي في جدة، حيث خلى الموسم الثقافي من المشاركة النسائية، على الرغم من وجود العديد من المتميزات في المجال الأكاديمي والثقافي.
حالة الاستبعاد للقلم والفكر النسوي استدعى الزميلة القديرة د. فوزية أبو خالد للتساؤل عن عدم مشاركة الأسماء النسائية كشريكات في المجال الثقافي، هذا الفقر في التنوع والبحث عن المثقفات دفع أيضًا الروائية زينب حفني للتعليق على حالة التجاهل لها من قبل المسؤولين عن فعاليات معرض الكتاب، بالرغم من وجودها في مدينة جدة مكان التظاهرة الثقافية.
الفعاليات الثقافية بحاجة أن تحقق العدالة والتمكين للمرأة، وتحتفي بالأسماء اللامعة التي مثلت المثقف السعودي خارجيًّا، لا أدري لماذا تغيب الروائية أميمة الخميس التي نالت جائزة نجيب محفوظ مؤخرًا؟!، وغيرها من المثقفات السعوديات عن المشاركة وتمثيل الصوت النسائي المثقف.
الفعاليات الثقافية بحاجة لدماء نسائية تضيف للثقافة والأدب والفكر التألق، والتجديد والتنوع، وأن تمكن المرأة من المشاركة كشريك فعال ومؤثر.