د. خيرية السقاف
إيزابيل:
كنتُ أقول لك في الفضاء تلوح أجنحة مكسورة
إنه الإيذان بالرحيل
الفضاء كان منبسطاً, لا نتوءات بين سحبه, لا ندفاً شاردة, ولا إشارة لنجم..
وغابت الأجنحة, لم تسقط منها ولا ريشة واحدة..
تذكّرنا معاً «جبران خليل»..
وذهبنا نتلو سيرة «مي» عند منعطف الغربة, والرحيل, ومقدمات النسيب في حداء القوافل..
ذلك الشجن الذي اعترانا, وأنتِ تمسحينها خلسة بعد أن تحدَّرت عن عينيك,
وكدتِ أن تخفيها عني, ولعلك كنتِ تدركين مدى خوفي عليكِ وأنتِ بين حجري رحى, وشغفي ألَّا تتكسري كما الأجنحة التي غابت في الفضاء..
سيدة الغياب:
عاد يومها وقد تعثر في اضطرابه الدفين!..
ابتسمتِ بمرارة: ليته يتكلم, وامتدت آهتك تلحق بالأجنحة!!
بينما هو أسرع كالبرق فاندس بين فتحتي الباب, واختفى تماماً..
لم يخرج, وبعدها غاب.. غاب.. وغاب!!..
وذهبتِ أنتِ دون البيتِ, البابِ, والمفتاح, وقطعِ الثياب الملقاة على أسرة صغارك, وأصواتِ شغبهم, ورنينِ وحشة أبيكِ خلف الأسلاكِ, وشالكِ الذهبي, وبقايا ضحكاتكِ, ولحظات كانت مشحونة بالأمنيات, وقنِّينة عطركِ..
تخالجك الأزمات..
ذهبتِ تذوبين في الغياب, وغبتِ.. دون كل ذلك غبتِ..
وكنتُ وحدي في المحطات أنتظركِ, حتى كلَّت ومضةُ الكهرمان, وما يئستُ!..
إيزابيل:
كورقة في دفتر الفصل الأول لطالب قد تخرج في الجامعة مرت الأيام..
وانطوت تفاصيل وجهك في ندف السحب, وامتزجت بنسيج الغيم,
لكنك هنا..
بقيتِ يا إيزابيل نسيجاً متلألئاً، وإن كان ضوءً منكسراً, لكنه في
الحضور بَنى مساحته, وأقام..
يا صديقتي الأثيرة: مدهشة هذه الحقيقة..
الأجنحة لا تموت..
بلسمها الرحيل!!..