عبدالعزيز السماري
نعلم جميعا أن الحياة قصيرة جداً، وأن حياة المرء أشبه بوميض يسطع في السماء لثوانٍ أو دقائق بالنسبة للزمن الكوني، ثم يختفي إلى الأبد، وقد تبقى ذكرى، وقد لا تبقى، لكن أكثرنا يهرب من هذه الحقيقة ببذل جهد كبير من طاقته العقلية كل يوم من أجل أن ينسى أن وقته على الأرض محدود، وأن كل لحظة نخرج فيها هي لحظة لن نعود إليها أبداً، لكن هناك لحظات قد تتكرر، كلما كنت شاهداً على خروج إنسان من هذه الحياة الدنيا بلا عودة إليها.
ولو أدركنا ذلك بوعي لربما استمتعنا بحياتنا اليومية بشكل أجمل وأكثر طمأنينة، فالحياة أقصر من أن تقضي كل يوم في ممارسة الأعمال التي تكرهها، والحياة أقصر من أن تحمل ضغائن ضد الناس، والحياة قصيرة جدًا لعدم رؤية الدنيا من خلال نافذه تعلم جيداً أنهما ستغلق يوماً أمام ناظريك، لأن الحياة بالفعل قصيرة كي لا تعيش الحياة على أكمل وجه، لا بد أن تدرك في يوم ما من حياتك أن عليك التخلي عن كل الدراما غير المجدية والأشخاص الذين يقومون بإنشائها من حولك، وأن تنطلق في حياة بأقل أزمات ممكنة، وهو ما سيجعلك أكثر تحرراً وسعادة من قبل، ويتطلب ذلك مجهوداً ذهنياً جباراً، وجرأة في أن تسير خارج ذلك الزمن إلى مسار أقل توتراً، وأكثر راحة..
الحياة أقصر من أن تقضي وقتك الثمين في محاولة إقناع شخص اختار أن يعيش في حالة من الكآبة والعذاب اليومي والهروب المزيف، فقد يسحبك إلى مساره الكئيب، وبذلك تخسر حريتك وراحتك النفسية، فلا تضيع وقتك في القلق بشأن ما يفكر فيه الناس، فذلك أشبه بالعيش في الدوائر المغلقة التي لا يوجد فيها مخرج جانبي.
حياة الإنسان ليست رقماً أو عدداً من السنين، لكنه مسار عاش من خلاله الجميع، لكن يختلف من شخص إلى آخر، فلكل إنسان بصمته ورؤيته في الحياة القصيرة، لكن هناك أسرار ومفاتيح من أجل أن تكون في غاية الاطمئنان في الحياة، يأتي في مقدمتها سمة العطاء بدون مقابل، ومساعدة الآخرين في مصائبهم ومحنهم، وهو العطاء الذي يصل إلى درجة أن لا تعلم شمالك بما أنفقته يمينك، وهي حالة وجدها البعض بعد شقاء من أجل الوصول إلى راحة السعادة، فالعطاء وعمل الخير في المجتمع أهم وجوه الطمأنينة في حياتنا القصيرة.
في حياتك القصيرة حاول أن تفعل الأشياء التي تحبها، وقد لا يمكنك الخروج عن النمط العملي اليومي المتكرر، أو أخذ إجازات في كل المواسم، لكن طالما أنك تقوم بالأشياء التي تحبها من حين لآخر، ستجد سعادة أكبر، وأبحث عن الغرض وتحقيق الأهداف، فأولئك الذين يعتقدون أنهم يساهمون في رفاه الإنسانية يميلون إلى الشعور بتحسن حال حياتهم.
توقف عن لوم الآخرين أو العالم، وستجد إجاباتك في وقت أقرب بكثير، وكن منفتحًا للتغيير، فالتغيير هو الشيء الوحيد الذي يمكنك الاعتماد عليه، لذا قم بوضع خطط طوارئ، وقم بتعزيز نفسك عاطفياً للاستمتاع بما تبقى من أيام أو شهور أو سنين في حياتك، وأخيراً لتكن الصورة في غاية الوضوح أمامك، فالحياة قصيرة جداً، ولا تحتمل أن تخسر يوماً واحداً في محاولة الإساءة لنفسك أو للآخرين.