إن الكتابة عن الشخصيات المهمة التي يكن لها الشخص مكانة ومعزة خاصة دوماً هي من أصعب وأشق الأشياء التي يمكن أن تمر على من أراد ذلك، حيث إن الإنسان خلال فترة الكتابة عن شخص بمثل هذه الصفات يمر بأحاسيس مختلفة من الشوق والحنين والإعجاب والانبهار بهكذا شخصيات، فما بالك إن كان هذا الشخص يمثل قدوة ومثلاً يحتذى به للكثير من الناس وسيرته العطرة الطيبة تملأ النفوس ألقاً وإعجاباً ومودة.
وإنني هنا أتحدث عن واحد من أبرز الشخصيات السعودية ألا وهو الوالد الجليل عبدالله الحقيل - رحمه الله وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء - هذه الشخصية الفذة المسكونة بحب الوطن والتاريخ السعودي، وقد كان من أبرز رجالات دارة الملك عبدالعزيز التاريخية، والرجل غني عن التعريف فهو الأديب الأريب ذو الثقافة المبدعة والخلاقة.
ولقد كان اهتمامه بالشباب وتعليمهم وتثقيفهم بالغاً وعظيماً، وله العديد من المقولات التي أصبحت رمزاً شامخاً في تربية النشء والشباب، منها أقتبس على سبيل المثال لا الحصر (رسالة التعليم هي بناء شخصية الطالب واكتسابه المهارات والخبرات والمعلومات وتوجيهه الوجهة التربوية السليمة، فالتربية ليس حشر الذهن وتلقين المعلومات ولكن المهم هو تنمية مواهبه وتعديل سلوكه، وتقويم إدراكه وتطور معارفه).
ولعلنا نستشف من مقولة أديبنا العظيم عبدالله الحقيل عظم إدراكه ومعرفته بأهمية الشباب والتعليم وكأن لديه نظرة مستقبلية متقدمة على الآخرين أو ما يعرف Beyond Vision.
ولا شك أن مثل هذا الرجل نادر الوجود فيما يحمله من خبرة ومعرفة ودراية فهو بحر من المعرفة والعلم، ولقد حظي شخصي المتواضع بأن أنهل من معين هذا الرجل في العديد من المناسبات واللقاءات من خلال وصاياه وتوجيهاته وإرشاداته الكريمة العظيمة لي، وإنني ما فتئت أذكر أنني عندما بدأت سني حياتي الأولى في مجال المال والأعمال قد جلست إليه في داره وشكوت له صعوبة أن أشق طريقي في هذا المجال لصعوبته وحجم المخاطرة فيه، فقد مال برأسه إلي وقال لي يا بني ضع دوماً في ذهنك قول المولى عز وجل: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ} (4) سورة البلد، وأن الفرق بين شخص وآخر في السعي الدؤوب نحو المعالي وتذكر دوماً قول الشاعر:
وما نيل المطالب بالتمني
ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
وما استعصى على قوم منال
إذا الإقدام كان لهم ركابا
وإنني أحمد الله العلي القدير أن والدنا الشيخ الجليل أبو خالد باق بيننا بما تركته شخصيته وكلماته دوماً في آذاننا وفي عميق تفكيرنا وقلوبنا ووجداننا وهو باق فينا من خلال أبنائه الذين بفضل الله أولاً ثم بفضل ما نهلوه من والدهم الكريم من علم وسمو خلق وهمم عالية وحب للمعرفة والناس شقوا طريقهم نحو المجد والعلياء فبلغوا أرفع الدرجات والمناصب ألا رحمك الله والدي أبا خالد وأسكنك فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا، وأن يجمعنا الله به في جنان الخلد يوم الحشر العظيم.
** **
- محمد الحماد