هدى بنت فهد المعجل
هل الثقة آخذة في التداعي والاضمحلال؟!! ميممة وجهها صوب الكفن قبل أن تغسل، وتضوع بالمسك والكافور؟!!
هل جف ريقها.. وبح صوتها.. وتهرأت حبالها.. وضيعت الطريق نحو الحياة!! فآثرت الموت على البقاء فوق أرض لا تقلها، وتحت سماء فقد ظلها؟!!
ما أجده، ويجده الآخرون من البشر فيما بينهم يدلل على أفول نجم الثقة.. وتشعب ظلها.. وكسوف شمسها.. وخسوف قمرها.. ولا صلاة معها يزول الخسوف والكسوف!!
امنح سرَّك شخصاً ما, وهبه من وقتك ثواني معدودة، وترقب!!
ستنقل الأرصاد الجوية خبر تلبُّك معدة الجو بسرِّك لكثرة الأفواه الناعقة به!!
اعترانا القلق.. التوجس.. الريبة.. الشك، كما اعترى الأمير الشاعر العذب: عبد الله الفيصل آل سعود حينما قال:
أكاد أشك في نفسي لأني
أكاد أشك فيك وأنت مني
وما أنا بالمصدق فيك قولاً
ولكني شقيت بحسن ظني
وشقينا كثيراً بحس الظن حتى تدحرجت بنا كرة الثلج نحو الهاوية!!
نحتك بفلان ونطمئن إلى ابتسامته، صفاء ملامحه، إطرائه لنفسه، ومع أول بادرة خير تأتي منه نظنه خلاف (فلان)، وعكس خط سير (فلانة) فنتناول معه كأس الثقة.. وما أن ننتهي من إفراغ محتوى الكأس في جوفنا حتى نفاجأ بشظية دست في قعر الكأس!! كادت أن تهتك جدار المعدة.. فهتكت نياط الثقة!! وتجدد أكسجين الشك في الأجواء.. وأوشكنا على الكآبة، حيث من أسبابها الشك!!
يرى أحدهم أن: الشك أول اليقين.
وأن زيارة الطبيب تقطع الشك باليقين.
وأقف ضد رأيه.. فقد زرت طبيباً قبل سنوات خلت متيقنة من سلامة صحة ابنتي فأوهمني بأنها مصابة بالصرع!! وأنه لابد من جراحة عاجلة لها.. ولكن الأشعة المقطعية أكدت سلامتها من المرض!! وفقدت الثقة بالطبيب.
أرعبني في خادمتي.. وأنها مصابة بالإيدز!! وأكدت التحاليل تلو التحاليل خلوها من المرض!!
الشك: التردد بين أمرين أيهما الذي وقع.. وقد عايشته مراراً.
عايشته مع ابنتي.. ومع خادمتي حتى تداعت أركان الثقة، وهي الآن آخذة في الاضمحلال.
لن أعترض درب أبي العلاء المعري وهو يقول:
(طفت الآفاق، فإذا الدنيا نفاق، ومللت مداراة العالم بما يضمر غير ما يظهره الفؤاد، فاخترت الوحدة على جليس السوء) بيد أني أشرك معي في وحدتي كتابي، قلمي، حاسوبي والشبكة العنكبوتية على الرغم من أنها تضم فئات تراوح بين الشك واليقين في الثقة بهم وبآرائهم وتعليقاتهم.. ولكن سأتمثل منهج المعري ونظرية الشك حتى أتيقن وأنزع عن جسد الثقة لفافات الكفن.