د.ثريا العريض
ليس سيل المشاريع المهمة في الساحة المحلية فقط ما يستجد يوميًا ويرهق المتابع في تخير ما سيتناول منها ليكتب عنه, فيحس بأنه فعلاً تقمص «خراش» الخرافي الذي تكاثرت عليه الظباء فما عاد يعرف ما يصيد.
هناك سيل آخر في الساحة الدولية القريبة في الجوار والبعيدة عبر البحار والمحيطات يأتي بتواتر مستجدات الساحة العالمية متحركة على متغيرات ضغوط محلية وخارجية خاصة بكل دولة, متوقعة أو مفاجئة. بعضها يمسنا مباشرة كما في اتفاق أعضاء الأوبك وروسيا على خفض إنتاج النفط, ومشروع البحر الأحمر وخليج عدن حيث سبع دول عربية وأفريقية مشاطئة لهما (هي السعودية والأردن ومصر والسودان وجيبوتي واليمن والصومال) تتفق على حماية أمن واستقرار جوارها. واتفاق مالمو في السويد بين وفدي طرفي النزاع في اليمن, الحكومة الشرعية والحوثيين, وبحضور ممثل الأمم المتحدة, على حلول سلام تبدأ بتعز والحديدة وصنعاء. وهذا لا يعني أن متاعب الدولة الجارة الشقيقة انتهت, بل ستتسع جوانب حاجتها للمزيد من الإغاثة والدعم مركزًا على استعادة الاستقرار وإعادة البناء ومساعدة ملايين ضحايا صراع مميت استمر منذ الربيع العربي المشؤوم, الذي حول كل دولة مر بها إلى هشيم وركام وفارين من بيوتهم ولاجئين يعانون الغربة والعراء.
وهناك أحداث عالمية خارج الجوار وبعيدًا عن حدودنا, لا علاقة مباشرة لنا بها ولكنها ستؤثر في خارطة العلاقات البينية وتفاعلات الدول المهمة في العالم ونحن جزء منها؛ كتكتل مجلس الشيوخ الأمريكي ضد الرئيس ترامب في محاولة لإسقاطه, ومشادات البريكزت في بريطانيا للخروج من عضوية الاتحاد الأوروبي, والخلاف على شروطه, وتغلب رئيسة وزراء بريطانيا تريزا ماي على محاولة معارضيها في البرلمان سحب الثقة عنها. وفي باريس مظاهرات ذوي السترات الصفراء التي أشعلها في الشانزليزيه بالعاصمة الفرنسية توافد حشود المحتجين على قانون الضرائب المقترح للعام القادم, وتراجع الرئيس ماكرون عنه, وزيادة الحد الأدنى للأجور 100 يورو شهريًا, واستمرار احتشاد المظاهرات وتصاعد العنف, وتوقيف المخربين. ثم الإرهاب الدموي في سوق ستراسبورج واغتيال المتسوقين, الذي قبض على مرتكبه أخيرًا بعد نجاحه في الفرار والتخفي.
وفي البعيد البعيد استجابة كندا لطلب الولايات المتحدة وتوقيف مسؤولة شركة هواوي, ما أزم العلاقات الصينية الأمريكية والصينية الكندية.
وهناك من ظل يجتر عفنه السابق؛ كنظام الملالي رغم تزايد سوء وضع إيران ماليًا واقتصاديًا بعد إعادة العقوبات وحظر التعامل معها, وتصاعد احتجاجات الجياع ومظاهراتهم في كل المدن, وكصخب الكونجرس وتركيز بوق الجزيرة والإعلام التركي غير المسؤول ثم الرسمي, على حلب الضرع الناشف لقضية اغتيال الإعلامي السعودي خاشقجي -رحمه الله, بغرض استهداف سمعة المملكة.
ويبقى أن أقول صادقة: «الحمد لله.. نحن بخير وأمان واستقرار.. مؤمن على سلامتنا ضد أي محاولة للإضرار بها على الرغم من رغبات الضباع», وإن كل ما يفعلونه يؤكد أن المملكة تمر بمرحلة ابتداء تحول إيجابي متسارع, وصعود واضح يثير غضب راغبي الهيمنة والتحكم في الموارد, فيحركون مرتزقة القلاقل. صعود نرى به تجسيد الرؤية التي جرؤت أن تخرج إلى أفق الأحلام والصدارة الفاعلة إقليمياً وعربياً وعالمياً.. وبإذن الله سنصل بها مرحلة الاستدامة والاستقرار.