فضل بن سعد البوعينين
أقامت وزارة الإعلام احتفالها بمناسبة إعلان الرياض عاصمة للإعلام العربي، ودشنت مبادرات إعلامية بحضور وزراء الإعلام العرب، ومسؤولي جامعة الدول العربية، ومجموعة من الصحفيين والإعلاميين العرب. تظاهرة مهمة، تعكس اهتمام الحكومة بالشأن العربي بشكل عام، والإعلامي على وجه الخصوص، وتسهم في الوقت عينه في تعزيز مكانة الرياض كعاصمة للعرب، وليس الإعلام العربي فحسب. منذ أن تولى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم والرياض قِبلة لزعماء الدول الإسلامية والعربية، وقادة العالم، ومقر لمؤتمرات وفعاليات سياسية، اقتصادية، أمنية وإعلامية.. ومحور لخلق التحالفات والشراكات الاستراتيجية.
جاء اختيار الرياض عاصمة للإعلام العربي متزامنًا مع إعادة رسم السياسة الإعلامية السعودية، وهيكلتها بما يتوافق مع متطلبات العصر، ووفق استراتيجية وطنية جديدة، تعتمد في أساسياتها على منهجية الإعلام الحديث، والمتغيرات الكبيرة التي طرأت عليه، والمنظومة الإعلامية المتكاملة التي تقع مسؤوليتها على الحكومة، لا وزارة الإعلام فحسب.
هناك عمل استراتيجي منظَّم، تقوم به وزارة الإعلام، وبرامج متخصصة لم تكن متاحة من قبل، وجهود حثيثة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية وفق رؤية مستقبلية طموحة، تحتاج إلى كثير من الدعم والتمويل والصبر على مخرجاتها. فبناء منظومة إعلامية مؤثرة يحتاج إلى وقت وجهد وعمل مُضنٍ، واستثمارات ضخمة، تؤمن بأهمية الإعلام في تحقيق الأمن الاستراتيجي الذي يوازي في أهميته بناء الجيوش وترساناتها الحديثة. فالربيع العربي المدمر لم تحركه جيوش الغرب بل الإعلام المعادي الذي نجح في زعزعة أمن واستقرار الدول العربية وفق توجيه استخباراتي محترف.
المتمعن في أحاديث معالي وزير الإعلام الدكتور عواد العواد خلال جولة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان العربية، واجتماعاته مع الأكاديميين والصحفيين والإعلاميين، يجد فيها تحولاً في منهجية التواصل الإعلامي، والرغبة في بناء الجسور، والتركيز على جوانب الالتقاء وتعزيزها خدمة للعلاقات العربية، وتعزيزًا للأمن القومي الذي يعتمد بشكل كبير على مخرجات الإعلام. هناك رؤية جديدة لصناعة الإعلام الوطني، والشراكات الإعلامية، وتعزيز العلاقات، بما يضمن توفير الدعم الأمثل للجهود السياسية والاقتصادية والأمنية التي تقوم بها المملكة، ويحقق في الوقت نفسه فلسفة الأمن الاستراتيجي المحلي والقومي.
أحسب أن وزارة الإعلام ستأخذ على عاتقها خلال الدورة الحالية تقديم برامج ورؤى متخصصة لتطوير الإعلام العربي، وبخاصة الإعلام الإلكتروني ومنصاته المؤثرة والذكاء الاصطناعي ووسائل الإعلام المختلفة، وربما ركزت على المؤتمرات الإعلامية كمنصات تجمع وبناء الجسور.. غير أن الأهم من ذلك هو تحفيز الاستثمارات الحكومية في قطاع الإعلام بوسائله وأدواته المختلفة، وبخاصة الاستثمار المباشر في وسائل الإعلام العالمية، وبنسبة تملك مؤثرة، ووفق استراتيجية وطنية بعيدة المدى.
ولعلي أقترح أن يتم إطلاق مدينة الإعلام في «نيوم»؛ لتكون مقرًّا للإعلام العربي والعالمي، وانطلاقة لمحطة عالمية ناطقة باللغتين العربية والإنجليزية واللغات المهمة الأخرى.