سام الغُباري
يحاول محمد عبدالسلام الإيحاء بـ «انتصار» لأنصار سيده في الداخل، يوزع مناشيره التي تحكي عن تراجع «قوات الغزو»!!، ولم يكن في مواجهتهم سوى «أبو جابر المحرمي» و»طارق صالح» وقواتهما، وهم يمنيون كبدًا ودمًا وأرومة. يهاتف «عبدالسلام» قناة العالم الإيرانية ليبدو وقحًا كعادته، فيضيف على مبرراته توضيحات لم يسمع بها سواه عن استمرار سُطلتهم الغاشمة على الحديدة ونفاذهم في مينائها!، لم يقل كلامًا معقولاً عن السلام والتسويات وحقن الدماء لأنه لا يستطيع ذلك، فقد حصدت ميليشيا سيده كل مغانمها بالعنف والغرور والتحدي.
يومًا ما، كان الناس يقولون لهم: هذا لا يجوز، فيخرجون ألسنتهم ويشمرون أسلحتهم ويغضبون قائلين: ماذا أنتم فاعلون؟، فيكرر الناس معارضتهم لبطشهم وهدمهم وغرورهم واستعلائهم، فيمضون متحدين بالسلاح، قاهرين كل عزيز وقاطعين كل لسان، سلخوا جلود مناوئيهم في أقبية مظلمة، قتلوا بالظن وانتهجوا الرعب وسيلة لإثبات أنهم مجانين مسلحين لا يرحمون!، هذه صورتهم النمطية التي حرصوا على تسويقها أمام الجميع، قوتهم في عضلاتهم، مجدهم في سلاحهم، سلطتهم تصنعها فوهات بنادقهم. السلام بالنسبة لهم خسارة، الحرية في قاموسهم تهديد وجودي، لهذا يكرر «عبدالسلام صلاح فليته» عنجهيته، يقبض ريح نصر ويبيعه معلبًا لأنصار سيده، لا يريدهم أن يشعروا يومًا أنهم عناصر في جماعة محترمة. الفضيلة بالنسبة لهم عار، والتعايش ضلال مارق.
«نحن مجانين»!، هذا ما يقوله الحوثي للناس والعالم، سنفجّر ونقتل ونهدم ونزرع الألغام ونمسح كل مدينة من خارطة الوجود إن خرجنا مهزومين، لن يهنأ أحدٌ بشيء بعد رحيلنا، ولن نرحل أصلاً. سنقاتل حتى يوم القيامة. أنا مجنون وكل أنصاري كذلك!
يرتعش العالم إنسانيًا على وضع الأبرياء الجوعى الذين حاصرهم ابن بدر الدين وسُلالته، يطوف أنصاره المريبين عواصم العالم الغربي بإصرار ممنهج لبث رواية مخادعة لا تستند إلى أساسيات الصراع وجذوره، يُقدّمون أنفسهم كمستقلين ومحايدين وبداخلهم مجنون مُلثّم. تعمل السُلالة العنصرية على التقليل من شأن المعركة وإظهار التحالف العربي كأداة عنف، في محاولة قصوى لتحييده عن الصراع حتى يتمكنوا من اليمن بقسوة السلاح وكثافة الدعاية والتضليل والحرب النفسية وضخ الأموال المدنسة لشراء الذمم والنفوس.
الحكومة اليمنية عبر وفدها إلى مشاورات السويد وافقت على سحب قواتها من مداخل المدينة وإعادة تموضعها مع انسحاب مماثل للميليشيا، مقابل السماح بعودة السلطة المحلية المنتخبة والمديرين التنفيذيين لأجهزة الدولة قبل 2014م لإدارة مدينتهم. هنا في هذه التفاصيل يكذب «فليته» ويدّعي أنه تفاهم مع الوفد الحكومي على أن يدير عناصرهم كل شيء في الحديدة، وهذا يعني تفجير الموقف مجددًا.
لقد نكث محمد عبدالسلام بعهده للأمم المتحدة قبل أن تحط طائرته مطار صنعاء كعلامة تدُل عليهم، ولو لم يفعلوا ذلك لصرعتنا المفاجأة أنهم صاروا قومًا محترمين، وبأنهم استخدموا العقل للمرة الوحيدة في حياتهم. حمدًا لله أنهم لم يخيبوا ظنّنا فيهم. وحتى آخر ما تبقى من أيام الوعد برحيل آخر مستعمر حوثي من الحديدة، سيكتشف العالم وأممه المتحدة أن ذلك الوعد ليس إلا كلامًا منثورًا تختبئ في تفاصيله موبقات المكر والخداع، والحُجج الخبيثة والدعايات الفاجرة.
سيستمر الحوثي مجنونًا، كانت تلك وظيفته ووسيلته للوصول إلى صنعاء، وقد استحلاها بعد ذلك حتى صارت طبيعة مكتسبة تتحكم في تفاصيل كل شيء في حياته وتصرفات أنصاره، ولن يُشفى إلا إذا اقتلع اليمنيون جنّيه من رأسه، فتبرد الرؤوس الحامية ويعود اليمن سعيدًا كما كان، وتكبر الابتسامة في وجوه اليمنيين.