د. خيرية السقاف
بعض النتائج السالبة في إجراءات الدوائر المسؤولة عن خدمات الأفراد تثير الدهشة, حين تبرز جلية في الوقت الذي ارتفعت فيه عصا المساءلة, وطرقت بقوة مطارق العقوبات, إذ نفاجأ في خدمة المياه بأصوات المحتجين على ارتفاع فواتير الاستهلاك بأسعار تكاد أن تكون «خرافية», تذهل العقول, وتذهب بصوابها, في بيوت ذات خزانات مؤسسة ببنية قوية, ومستوى صرف لا يزيد أفراده عن عدد أصابع الكف الواحدة, والتزام أدبي منظّم لسداد المستحقات للشركة في حينه, لكن المستهلك يفاجأ بقيمة قياسية لاستهلاكه, تتصدر فاتورته, وهو لو عمل عقوداً من الزمان سوف يبقى عاجزاً عن سدادها, فما بالك بالمتقاعدين الذين يعولون هذه الأسر بدخل لا يغطي متطلباتهم الأساس؟! ويكونون من متوسطي الحال الذين لا استهلاك فائقاً منهم للمياه, فلا حاجة لهم بذلك..
يحدث هذا على سبيل معرفتي في «مكة المكرمة», تؤيّده وسائل التواصل فيما ينشره, ويتداوله في حساباتهم نفر غير قليل, على مرأى ومسمع من الجميع, ناهيك عمّن يلجأ إليك لتوصل صوته الذي لم يسمعه إلا من أوقفت عنه الخدمة, وأحاله للكشف عن «خزان الماء» في بيته من يماطله في إيجاد الحلول, ولا نتيجة حتى بعد ثبوت خلو الخزانات من التسريب؟!..
هنا في مدينة «الرياض», العكس تماماً, تحديداً فيما مرَّ بي من تجارب مع شكوى حالات عديدة لجأت إلي, فوجدت فيها أن من يعترض على «فاتورته» يجد من يصغي إليه, ويراجع له, ومعه, ثم عند ثبوت الخطأ فيها يعيدها لنصابها الحقيقي من خلال استهلاك المحتج الفعلي, بعد أن تتم المراجعة النظامية بيسر, واتخاذ الإجراءات النظامية على أرض الواقع من كشف عن التسريب بآلية واضحة, ومراجعة سرعة العداد بضوابطها, هذا يتم على الأقل فيما وقفتُ شخصياً عليه من تميز خدمة من تعاملنا معهم من المسؤولين الذين دعت الحاجة لمراجعتهم فكانوا على أهبة التفاعل الفوري, والمنتج..
ويبدو أن مشكلة الأخطاء في شركة المياه في جميع المناطق, والمدن بحاجة للتسرّع في مواجهة حلها, ضماناً لتيسير الإجراءات, وحرصاً على عدم ضياع وقت, وجهد السائل, والمسؤول معاً, ومن ثم لبلوغ المستهلكين حقهم حين يجدون لا قطرة ماء بين أيديهم, فيلجؤون من جهة لتوفيره عن مصادر نقل خارجي, ومن ثم الركض وراء الاحتجاج لدى الشركة, لتعديل سعر الاستهلاك وفق واقعه في ضوء استمرار أخطاء الرصد للاستهلاك الفعلي لكل فئة..
هذا الموضوع يوقفني بأحقية أن أجلي عن نموذج من المسؤولين في شركة المياه بمنطقة الرياض, وفي مدينة «الرياض» تحديداً, إذ هنا نموذج مميز لرجل مسؤول يقظ, ومتفاعل في مواجهة سائلين, يتابع باهتمام, ويبادر بمهمة الكشف عن استهلاك المتضرر الفعلي, والمراجعة بلا تردد, والاستجابة لكل ما يرده من مراجعات لأخطاء الفواتير دون كلل, ولا ملل, ودون تأخير, ولا مماطلة, يعد, ويفي, يستمع للجميع دون تمييز, لا يتعامل مع الأفراد وفق مناصبهم, فهو لا يسأل عن أسماء من ينقل إليه الحالة, بل يطلب إليه أن يراجعه صاحب الاعتراض ذاته, ولا حاجة له في مزيد معرفة غير ما يتطلبه الموقف, عنده تنتهي المشكلة, ولا تتعثر الشكوى, هذا النموذج الذي يستحق التقدير هو الأستاذ «عبدالله حمود الدوسري» المرجع المميز بإدارة الفوترة في شركة المياه بالرياض لأي متضرر, أو مستفسر يتجه إليه, يستحق أن ترفع له التحيَّة, ويكلَّل عمله بالشكر, والتمييز. وهو في ضوء واقع ما يحدث قي مؤسسات الخدمات العامة نموذج للاقتداء ليسعي كل موظف بدائرة فيها ممن يكون في مواجهة خدمات الأفراد سواء المياه, أو الاتصالات, أو الكهرباء, أو خدمة العملاء في البنوك فيتمثُّله في تعامله مع الأفراد.
فالتحيَّة له من هنا, وهي لجهة عمله ممتدة..
كذلك أتمنى أن تلتفت بجدية شركة المياه لمشكلات الفوترة في مناطق المملكة, مدنها, وأنحائها..