د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
يعتبر الحفاظ على الطبقة الوسطى من التآكل أحد أهم أهداف التنمية في جميع دول العالم. وفي المقابل يعتبر نجاح أي تنمية في قدرتها على تقليص الطبقة الفقيرة لصالح الطبقة الوسطى. وإذا لم تتحقق هذه الأهداف فهو دليل على فشل خطط التنمية، وخصوصًا عندما تنتشر الأحياء العشوائية في المدن والمناطق النائية التي تعتبر أحد الأمثلة على فشل خطط التنمية السابقة؛ وهو ما أدى إلى آثار اجتماعية وتنموية، انعكست على المجتمع بأسره، وأسهمت في تجذر الطبقية، وزيادة التباين داخل الدولة، وهي مخالفة لما تسعى إليه الدولة من خطط وأهداف.
تنبهت الدولة مؤخرًا لهذا الخطر الداهم؛ واتجهت نحو تفعيل دور القطاع غير الربحي، ورفع مساهمته من 1 في المائة من الناتج المحلي إلى 5 في المائة، كما جاء في رؤية المملكة 2030. واستهدفت الرؤية توفير 200 ألف حل سكني بنظام الانتفاع، أي استهداف أفراد فاعلين في المجتمع، يشعر بهم المجتمع، وذلك حتى عام 2020. بداية استهداف المسجلين في الضمان الاجتماعي؛ إذ هناك نحو 700 ألف أسرة مسجلة في قوائم الضمان الاجتماعي من مختلف الفئات بجانب فئة الدخل المحدود؛ وذلك من أجل كسر حاجز الفئوية، وتقليص التباين الاجتماعي في حده الأدنى، وهي أهم أهداف رؤية المملكة 2030.
هناك نحو 300 مليار ريال قيمة الأوقاف التي يديرها أفراد، ونحو 54 مليارًا قيمة الأوقاف التي تديرها الحكومة. وتعتبر تلك القيمة ضعيفة جدًّا مقارنة بحجم الاقتصاد السعودي، وهي تمثل نحو 0.3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي مقارنة بالمتوسط العالمي الذي يبلغ 6 في المائة.
أي برنامج تنمية لا يكتفي بتقديم الدعم لتلك الفئة، بل يحاول نقل الفئات المستحقة القادرة على العمل من فئة المستحقين إلى فئة المنتجين، ونقلهم للطبقة الوسطى؛ حتى يستغنوا عن برامج الدعم لصالح مستحقين آخرين. وهذه جزء من ديناميكية التنمية.
أسست الدولة في وزارة الإسكان إدارة خاصة بتلك الفئة، تولت إطلاق برنامج الإسكان التنموي لهذه الشرائح، ورصدت في المرحلة الأولى نحو أربعة مليارات ريال لتنفيذ المرحلة الأولى من برنامجها، ووقّعت مذكرات تفاهم مع الجمعيات الخيرية، وتم إعلان شراكات في مجال المسؤولية الاجتماعية مع مصارف وشركات لتوفير عدد من الوحدات السكنية لمساندة جهود الوزارة التي خصصت 10 في المائة من مشاريعها لتلك الفئة.
تأسيس الإسكان التنموي في وزارة الإسكان يعتبر ذراعًا لوزارة الإسكان التي تهتم بهذه الفئة، ويمكن أن تتواصل مع الجهات الخيرية، وتوحيد الجهود بدلاً من تشتت جهودها؛ وذلك من أجل أن تكون رافدًا مهمًّا لتحقيق الطلب، وتحقيق انسيابية الاستحقاق الذي لا يتحقق إلا عبر توحيد جهود تلك الجمعيات المنفردة، ووضعها تحت جهة واحدة لتنظيم عملها وفق أعلى المعايير العالمية بدلاً من الاجتهادات الفردية؛ لأن إدارة الأوقاف ليس المطلوب الحفاظ عليها، بل أحد أهم الأهداف تنميتها، وخدمة الشرائح المستحقة من المجتمع.
تقسم وزارة الإسكان التنموي المستحقين إلى فئتين: الأولى: المستحقون الذين ليس لديهم دخل سوى معاش الضمان الاجتماعي، ولا يمتلكون مسكنًا خاصًّا بهم. والفئة الثانية: المستحقون الذين لديهم دخل آخر إضافة إلى معاش الضمان الاجتماعي.
** **
- أستاذ بجامعة أم القرى بمكة