رمضان جريدي العنزي
تعد الصناعة في كل دولة رافداً مهماً من روافد التنمية المستدامة، وتفتخر كل دولة بصناعتها الوطنية، تهيء لها السبل، وتعبد لها الطرق، وتفتح لها المجالات، من أجل الارتقاء والتطوير والازدهار، تساعدها وتأخذ بيدها ولا تسمح لها بالإعياء والضعف والسقوط، لذا تفتخر بريطانيا بأنها مفجرة الثورة الصناعية في العالم، وتفتخر اليابان بأن جميع بلدان العالم تستخدم منتجاتها، ولا يختلف اثنان لولا منتجات الصين لما استطاع أحد شراء أي منتجات كهربائية أو صناعية أو ألعاب الأطفال وذلك لرخص ثمنها وجمال شكلها وتوفرها بكميات كبيرة وفي متناول الجميع، إن الصناعة السعودية ذات مكانة وعراقة ومنتجها قويم راقٍ متين وثمين، وتعد ركناً أساسياً في دعم الاقتصاد الوطني، إن أحد أهم الركائز لدعم قطاع الصناعة الوطنية، هو وضع حد لعملية إغراق السوق المحلي بمستوردات تشابه منتجاتنا الوطنية بالجودة، أو على الأقل وضع ضوابط مشددة لتلك المواد المستوردة، التي تقوم مصانعنا ومشاغلنا الوطنية بإنتاج مثيل لها إن لم يكن أفضل منها أنقى وأجود، إن وضع القوانين الصارمة والاشتراطات الجائرة والجزاءات والعقوبات الباهظة دون الدراسة ومعايشة الحال على أرض الواقع من قبل وزارة الصناعة يعد نوعًا من تثبيط الصناعة وإعاقة نموها وإجبارها على النكوص والتقهقر، إنني أفخر عندما أقرأ -صنع في السعودية-، إن تشجيع الصناعة الوطنية ومساندتها والوقوف بجانبها يعد واجباً وطنياً وقومياً لا يمكن الفكاك منه أو تجاوزه أو الهروب عنه، إن المكاسب الاقتصادية في دعم الصناعات الوطنية وخاصة الصناعات الصغيرة والمتوسطة سيكون كبيراً وفاعلاً، إن على وزارة الصناعة لكي تنجح صناعاتنا الوطنية وينمو منتجها ويصعد نحو العالمية أن تزيل كافة المصدات والمعاقات والحواجز التي تعيق نموها وازدهارها، وأن تسهل القوانين وتبسط الإجراءات وتكبح العقبات، وأن يكون دورها كدور المرشد والدليل والمنقذ، لا دور المهيمن والفارض والمنفر والمعيق، إننا نؤمن بضرورة مساندة القطاع الصناعي لأنه يلعب دوراً مهماً في دعم الاقتصاد الوطني ويساعد في إنقاص نسب البطالة ويوفر العمل للباحثين عنه، إن الصناعة الوطنية والمتمثلة في الصناعات الصغير والمتوسطة خاصة تحتاج إلى وقفة جادة، لتنشيطها وجعلها تمارس دورها الفعال بكل أريحية، إن انتعاش هذه الصناعات يعد انتعاشًا وازدهارًا للاقتصاد الوطني والقومي، كونه مصدراً مالياً لاقل أهميته عن بيع النفط الخام أو الغاز المسال أو المواد المعدنية المستخرجة الأخرى، ولكونه ركيزة أساسية لبناء اقتصاد وطني معافى وقوي ودائم، إن تعزيز المنتج المحلي وتفضيله على غيره يسهم في دفع عجلة هذا المنتج، وتحفيزه على التصاعد والنمو، وهذا يحتاج إلى تضافر الجهود بين الجهات التشريعية والفنية والرقابية والمصنعين، إن تأصيل منح المنتج المحلي الأفضلية والأولوية في السوق ولدى الجهات الحكومية والشبه حكومية يعد عملاً مطلوباً بل واجباً وطنياً وقومياً، وحماية له من المنافسة غير العادلة وذلك بوضع إجراءات فنية وتنظيمية وقانونية تضمن حمايته وتنميته واستمراريته، إننا أمام ضرورة ملحة لوضع المنتج المحلي في قائمة الأهميات والضروريات لتحقيق رؤية الصناعات الوطنية، وذلك بإعطاء القطاع الصناعي الخاص الدور القيادي والريادي في العملية التنموية وفق قوانين وتشريعات واشتراطات مخففة وسهلة ويسيرة، إن التحديات الصعبة التي تمر بها الصناعات الوطنية تحتم على الجميع تظافر الجهود في سبيل إعطاء الأولوية للمنتج المحلي، وزيادة التوعية على أهمية شرائه وحث المستهلك على فعل ذلك، وفق صوره وأشكاله الصناعية المختلفة، باعتباره منتجًا عالي الجودة وينافس المنتجات العالمية، إن على وزارة الصناعة ولكي تنجح الصناعة الوطنية بتميز واقتدار وثبات، أن تصطف بجانبها بقوة، وأن تكون مرتبطة عندها بعمق باللحم والدم، وأن لا ترخي اللجام للأحصنة الطائشة، والنظريات الباهتة، والرؤى القاصرة، والقرارات المستعجلة غير الآنية، حتى تولد الأشجار اليانعة في حقول الصناعة الوطنية من جديد، وتورق ببهاء أخاذ، وحتى تصبح كالربيع البهي، وطعم الماء الزلال، والموجة الحالمة، وشهقة الفرح، وشكل العافية.