عبدالعزيز السماري
ما يثير الاستغراب والدهشة في الأزمة الخليجية الراهنة هي تلك اللغة الإعلامية التي تحاول قناة الجزيرة من خلالها التأثير على وحدة البلاد واستقراره السياسي، وذلك من خلال تبني مجموعات متفرقة ومتناحرة في الفكر والعقل والخطاب من المعارضين السياسيين جمعتهم سمة كراهية ضد الوحدة الوطنية والقيادة التاريخية، ولو قدر لهؤلاء أن يجتمعوا معاً لفترة أطول لاختلفوا وتقاتلوا في أبسط أبجديات فلسفة الدولة، ولأيقنوا أنهم مجرد أدوات في صراع سياسي أكبر من حجمهم، وأنه تم استغلال كراهيتهم وبغضائهم وأغراضهم الشخصية من أجل النيل من وطنهم في أزمة سياسية عاصفة.
كيف يخفى على هؤلاء أن خلف قناة الجزيرة الحاضنة لهذه الخطاب السياسي الموجه والمضطرب، مجتمع مغلوب على أمره، ولا يتمتع بأبسط حقوق الإنسان وأولويات حرية الرأي والمشاركة، وهي مفارقة في غاية السخرية، وتتناقض مع الخطاب الإعلامي للقناة، ومن المفترض أن يعوا عقلاً كيف يستغلهم من يقف خلف تلك الشاشة الضخمة والعالية الصوت، وأتساءل كيف وجدوا المبررات العقلانية والدينية ليصطفوا مع دولة أعلنت من قبل عن أهدافها التدميرية ضد الوطن ووحدته التاريخية.
لا يوجد غير تفسير واحد وهو أن ما يحركهم جميعاً، أو ربما أغلبهم أو بعضهم ضد الوطن ووحدته هو الكراهية والانتقام، وهو ما يعني أنهم يتصرفون من خلال نظرة سياسية غير عقلانية، وهدفها تدميري من أجل إرضاء لتلك النوايا غير السوية، أو أنهم يعانون من السذاجة السياسية، ولا يدركون في فنون السياسة غير معاول الهدم والسباب، وهو ما حول بلاد مجاورة إلى خراب وفوضى، بينما يتحتم على الجميع في هذه المرحلة الحرجة أن يقفوا صفاً واحداً ضد أي تدخلات خارجية، وأن نرفض أي مساس بالوحدة والقيادة التاريخية، فالهدف الأسمى هو الحفاظ على المكتسبات الوطنية التي تحققت منذ إعلان الوحدة الوطنية.
قد يختلف أبناء الوطن، وقد يتفقوا في أمور كثيرة، وقد تمر الأوطان في أزمات، لكن الوحدة الوطنية تحت مظلة القيادة التاريخية خط أحمر لا يصح تجاوزه، ولا يمكن الاختلاف حوله، فالخارج يتربص للانقضاض على هذا الوطن من أجل مآرب سياسية واقتصادية واستعمارية، ولن تكونوا في ذلك اليوم إلا مجرد حصان خشبي في معركة خاسرة ضد الوطن، وموقفكم الحالي في بيع أصواتكم إلى قناة موجهة ضد الوطن يعني أنكم سذج سياسياً، ولا تدركون عواقب ما تفعلون ضد وطنكم وأهاليكم في الداخل.
في هذا الوطن الغالي، نحن في أمس الحاجة إلى استقرار سياسي تحدث من خلاله القفزة التنموية، فالاقتصاد هو الحل الذي يضمن الوصول إلى شواطئ الأمان في هذا العالم المضطرب، وبدونه ستعاني الدول النامية سياسياً واجتماعياً، وما يجري في الوطن هو الآن محاولة جادة وجريئة للخروج من الاقتصاد الريعي والتقليدي إلى تنوع المصادر في التنمية، ونحن قادرون جميعاً، ومهما اختلفنا على تجاوز هذه الأزمة من خلال الحكمة والعقلانية السياسية، والأهم من ذلك أن لا ننجرف خلف المهاترات والصراخ والزوابع الإعلامية..