د.ثريا العريض
هذه الأيام أحس أنني الصياد الخرافي «خراش» في المثل العربي: «تكاثرت الظباء على خراش فما يدري خراش ما يصيد». وهذه حال كل إعلامي يتابع كل ما يستجد غير ملتزم بتتبع حالة إعلامية واحدة يتخصص فيها ويشبعها حلبًا.
بميولي البحثية, كنت كلما وصلت إلى نهاية مقال أكتبه لزاوية حوار حضاري أجد أن هناك ما أود أن أضيفه ليكتمل الطرح. وأعد متابعي الزاوية, صادقة, بالعودة لاستكماله في الحوار اللاحق, ولكن فرق الزمن بين كتابة المقال ونشره, تجعل من العودة لموضوع تناولته سابقًا, أمرًا يدخلنا في تكرار ما نشره غيرنا, إذ يكون ذلك بعد أن استهلك جوانبه المتعددة الكثيرون غيري من متابعي الأحداث وضمنهم متخصصون.
وليست المعضلة في المساحة الزمنية بين الكتابة والنشر, أو عدد الكتّاب, بل في التسارع الملموس في تواتر الأحداث الحيوية المهمة الخاصة بمملكتنا, أو بمشاركتها في تفاعلات العالم. أصبح معتادًا في المتابعة اليومية أن تتوالى أخبار افتتاح عدد من المشاريع المليارية المهمة في غضون زمن متقارب. تابعنا مثلاً افتتاح «وعد الشمال» , وتسليم أول دفعة من وحدات مشاريع الإسكان لمستحقيها, وتدشين المرحلة الأولى من مدينة الملك سلمان للطاقة «سبارك», وترميم حي طريف التاريخي في الدرعية ليضاف إلى قائمة المعالم الوطنية في الساحة التراثية السياحية.
هكذا نتزامن الفعاليات المتعددة في الفترة الزمنية نفسها فنعايش مثلاً الجدول السريع لزيارات الملك لمناطق المملكة, ومشاركة ولي العهد في قمة العشرين مسبوقة ومتبوعة بزيارات رسمية لدول شقيقة, ثم الاحتفاء بذكرى البيعة الرابعة للملك سلمان, بينما تستكمل الاستعدادات لرالي الدرعية إي, ويتم تدشين مواقع سياسية واستثمارية وصناعية وخدمية, وتتوالى الفعاليات الترفيهية والثقافية والفنية بمشاركة فرق ووفود زائرة في شتى مناطق المملكة العامرة. برنامج «إثراء» مركز الملك عبد العزيز الثقافي في الظهران بالمنطقة الشرقية يذهل المتابع بثراء ما يقدمه من فعاليات متتابعة.
وليس هناك تقصير في دعوات المشاركة في الفعاليات.. ولكن لوجستيات التنقل شرقًا وغربًا وشمالاً وجنوبًا تجعل الخيار الصحي السليم هو متابعتها افتراضيًا عبر وسائل الإعلام.
قرارات رسمية كثيرة استجدت تستحق التناول المتعمق في تفاصيلها وتداعياتها وما يتوقع من نتائجها. فقط كأمثلة: وزارة العدل تعلن البدء بنظام المرافعات, ووزارة التعليم تعلن إضافة مادة الفلسفة والتفكير المنطقي إلى منهج الثانوي الثاني, ووزارة الصحة تبشر بالتأمين الصحي الشامل لكل مواطن. ووزارة النقل تدشن محطات جديدة لسكة الحديد «سار» والخطوط الداخلية, واستكمال مطارات عالمية, ووزارة الداخلية تدشن مركز الأمير نايف للإبداع الأمني ومعهد التدريب النسائي الأمني بكلية الملك فهد.
المملكة -حماها الله- ورشة نشاط لا يهدأ.. فليس مستغربًا أن يصعب إجابة السؤال: أي نشاط ستتابع عن كثب بالتفصيل؟