مها محمد الشريف
لقد شكلت الفلسفة مبدأ التعلم الذاتي وتنمية قدرات التحليل والمقارنة والمناقشة، وكذلك مبدأ الفعالية عن طريق البحث والاكتشاف وحل المشكلات، هي في الحقيقة تنظيم سيرورة التعلم وبناء الأنشطة المختلفة، وتعتبر محطة أساسية في استمرارية العمل بمنهج يرتبط بالتعليم الثانوي، ويتدرج من تجربة ذهنية ووجدانية وثقافية إلى محتوى يرتقي بالمتعلم ويعمق وعيه بذاته ويصحح تقديره للأشياء تقدير إيجابي، وتمكنه من الاعتماد على النفس وتحمل المسؤولية، وتدربه على علاقات إيجابية بالغير أساسها الاحترام المتبادل والتسامح والحوار، وتنمية القدرة على تعميق المكتسبات المعرفية والمنهجية بالتمرس بآليات التفكير الفلسفي التوسعي والعميق.
هكذا يمكن أن نتبين من خلال كلمة وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى حرص وزارته على الفاعلية والإبداع وإمكانية فتح آفاق جديدة، وإدراك التحولات والرهانات التي يواجهها المجتمع في بعدها المحلي والكوني، لا سيما إذا كانت أدوات منهجية بُنيت بكيفية متنامية ومتدرجة تتيح تأملاً نقديًّا في العلم وفي إنتاجاته، ويجعل تلميذ اليوم محور العملية التربوية بما يرتقي به إلى المشاركة الفاعلة.
بهذا المعنى، يتم تطوير استخدامات العلم وربطه بالتقنيات في البحث والإنتاج، وفهم العلاقات المتداخلة بين التقنية والعلم، واكتشاف الصعوبات والمفارقات التي يولدها أساس الاجتماع البشري بين الضرورة والاتفاق لكي يتاح للمناهج الجديدة إكمال العلوم الناقصة في المراحل الدراسية، ويساعد الطلاب والطالبات على تنمية الشخصية وتطوير المعارف والمهارات، التي تحدد الخيار الذي يسعى إليه بدعم رؤيته للأشياء وهذا هو البديل الواقعي الذي يطبقه العالم بتهيئة الفرص لرؤية المستقبل من خلال التخصصات الملائمة للطموحات في المرحلة الثانوية والجامعية.
وتجدر الإشارة إلى أن التاريخ يتجدد بعودة فلاسفة الإسلام وغيرهم إلى المناهج التعليمية في إطار الفلسفة وفهم التنوع الثقافي، وما يسمو من مواقف إيجابية إزاء الذات والآخر، أما ذلك الرأي الذي يوصي بعكس ما يوجبه العقل والواقع، لن يكون أكثر أهمية من الحكمة التي تتفرع منها الفلسفة وغرضه تعطيل لبعض المفاهيم من معارضي التطوير.
في انفتاح المتعلم على قضايا وقيم وممارسات من خارج المنهج العلمي تجعله يلم بالمسالك المعنية والعلمية والتكنولوجية، وهذا ما بينه الوزير العيسى بأنه سيتم خلال الأيام المقبلة.
خلال مخاطبته أعمال المؤتمر الدولي لتقويم التعليم 2018، أن الوزارة بدأت في تطبيق بعض المشاريع الجديدة، منها مبادرة التحول نحو التعليم المعتمد على الكفايات، وتم تطبيقها هذا العام كمرحلة أولى وسيتم توسيعها.
فمن المنتظر أن تصبح هذه المناهج الإضافية مواد تميز العلم على مستوى الموضوع والنظريات، تستهدف الاشتغال المنظم بالأهداف الكبرى للتعليم الفلسفي وتطوير القدرة على تنظيم الإنتاج الكتابي بتحديد مضامينه ورسائله ورسم خطواته على مستوى الكفايات المنهجية، وعلى مستوى الكفايات الثقافية.
بهذا يكون الترابط واضحا بين العلم والفلسفة، ولكن هل سينجح المعلم في نقل خصائص هذا الترابط للطالب؟ وإلى أي حد سيصل حدود المادة واستشراف الآفاق المستقبلية؟