محمد عبد الرزاق القشعمي
عرفت الأستاذ والمربي حجاب بن يحيى بن موسى الحازمي صيف عام 1408هـ، عندما استضافت المملكة مهرجان الشعر والقصة لشباب دول مجلس التعاون الخليجي، والمقام بمدينة أبها، والذي نظمته الرئاسة العامة لرعاية الشباب بالتعاون مع الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، والاستعانة ببعض أساتذة الجامعات بالمملكة لإدارة وتقويم جلسات الملتقى.
اشترك مجموعة من شباب الدول الممثلة بالمجلس، وكان يحق للدولة المضيفة إشراك أكبر عدد ممكن من الشباب، ولهذا كان لشباب المملكة وجود مميز ومن مختلف المناطق، لفت نظري أحد أبناء جازان يحضر مع أولاده الصغار وكان أكبرهم - حسن - قد بدأ الدراسة الثانوية، وهو المرشح للمشاركة مع وفد شباب المملكة في مجال كتابة القصة، يرافقهم زميله في المدرسة الشاعر المبتدئ إبراهيم زولي.
عرفت والدهم والذي أحضرهم بسيارته من مدينة (ضمد) بمنطقة جازان الأستاذ حجاب بن يحيى الحازمي المدرس بالمعهد العلمي بضمد ورئيس النادي الأدبي بجازان - فيما بعد - وبرفقته - إضافة لمن شارك في الوفد السعودي حسن وصديقه إبراهيم زولي - أبناؤه الصغار وهم: عباس ومحمد وإبراهيم ويحيى وعابد، وكانوا وقتها طلاباً بالمتوسطة والابتدائية ليعتادوا على مثل هذه اللقاءات الثقافية ويشجعهم على المشاركات مستقبلاً.
الغريب في الموضوع أنه يحمل في سيارته مستلزمات الطبخ والأكل والشرب وحتى مفارش النوم، فكان يأخذ أبناءه بعد نهاية اللقاءات لأحد الأودية ليتولوا الطبخ وما يلزمه، وقد عرضت عليهم السكن ببيت الشباب مع بقية الوفود فاعتذر حتى لا يحرجنا بوجوده وأبنائه الصغار.
عرفته أكثر عند حضوره المناسبات الثقافية بالرياض وأهمها المهرجان الوطني للتراث والثقافة، ومؤتمرات الأندية الأدبية وغيرها.
انتقل عملي من الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى مكتبة الملك فهد الوطنية، وبدأ تسجيل التاريخ الشفهي للمملكة، فقابلته أثناء إقامة المهرجان الوطني للثقافة والفنون عام 1418هـ / 1998م فدعوته لزيارة المكتبة والتسجيل معه ضمن برنامج التاريخ الشفهي - ووافق بلا تردد، وكان اللقاء في اليوم 12-11-1418هـ.
قال إنه ولد في مدينة ضمد بمنطقة جازان في جنوب المملكة عام 1364هـ/1945م من أسرة علمية عريقة فوالده يحيى بن موسى الحازمي من أبرز علماء المنطقة، إذ هو أحد القضاة في المنطقة مع بداية العهد السعودي والذي عينه في القضاء الملك عبدالعزيز، وجده عباس بن إبراهيم الحازمي كان عالماً جليلاً.
وكان والده يحيى مقصداً لطلاب العلم من داخل المنطقة وخارجها، وقد توفي في عام 1367هـ.
ولم يكمل عامه الثالث، فتولى تربيته والدته، إذ كانت على جانب طيب من التعليم، وكانت معلمة على مستوى الأسرة والحي، فتعلم على يديها القرآن الكريم تلاوة وحفظاً، ثم ألحقته بحلقة جارهم العلامة أحمد بن حسن عاكش، وبمجرد أن افتتحت المدرسة الابتدائية بضمد إلا كان أول الملتحقين بها، تحول بعدها إلى مدرسة الشيخ عبدالله بن محمد القرعاوي بضمد بموافقة من معتمديه المعارف، لأن مدرسة القرعاوي تهيئ للالتحاق بمعهد صامطة العلمي، وهكذا أنهى المرحلة الابتدائية ليلتحق بمعهد صامطة عام 1378هـ بالقسم التمهيدي، وفي عام 1384هـ تخرج من المعهد لينتقل بعدها إلى الرياض ملتحقاً بكلية اللغة العربية التابعة للرئاسة العامة للكليات والمعاهد العلمية، التي أصبحت فيما بعد جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، تخرج من الكلية عام 1388هـ ليعين مدرساً بمعهد نجران العلمي الذي كان يديره وقتها الدكتور زاهر بن عواض الألمعي.
وقال إنه في عام 1392هـ انتقل إلى وزارة المعارف مدرساً بمتوسطة ضمد وثانويتها، ثم تولى إدارة المدرسة الثانوية بضمد عام 1400هـ والتي أمضى بها 18 عاماً.
لينتقل بعد ذلك إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية مدرساً بمعهد ضمد العلمي مدرساً للغة العربية.
تعرض لليتم في طفولته، وللاغتراب المبكر في دراسته الجامعية، وللزواج المبكر مما عرضه لظروف مادية صعبة.
• وكان للجانب العلمي والأدبي في حياته النصيب الأوفى، إذ بدأ كتابة الشعر في المرحلة الثانوية، ونشر بعض قصائده في الصحف والمجلات من عام 1385هـ عندما التحق بالكلية بالرياض، إذ نشر في مجلات الدعوة، واليمامة، والمنهل، وصحف الرياض، والجزيرة، والمدينة.
وفي عام 1395هـ صدرت الموافقة السامية بتأسيس نادي جازان الأدبي، وكان أحد أعضائه المؤسسين وألقى محاضرة ضمن موسم النادي الثقافي، ونشر نصها في أول مطبوع يصدره النادي عام 1398هـ ووجد اسمه إلى جانب أسماء أعلام كبار أمثال: عبدالقدوس الأنصاري ومحمد حسن عواد والدكتور مدني علاقي وكيل وزارة المواصلات، فتشجع وارتفعت معنوياته لتتوالى مشاركاته الأدبية ليصدر عنها أربعة كتب، ويمثل النادي في المهرجانات والمؤتمرات، كما مثل المملكة في بعض المهرجانات العربية بورقات عمل في عدد من الندوات.
• هذا وقد شارك في كثير من الأعمال الاجتماعية التطوعية على مستوى المدينة والمنطقة برئاسة أو عضوية بعض اللجان والجمعيات، من بينها: جمعية تحفيظ القرآن الكريم بالمنطقة، والجمعية الخيرية بالمنطقة، واللجنة المحلية بضمد، ورئاسته للجنة مئوية تأسيس المملكة، ولجنة جائزة منطقة جازان للتفوق العلمي.
• وقال إنه عاصر وشهد - خلال رحلته العلمية - تطور بلاده المتسارع، إذ كانت منطقة جازان على سعتها وكثافة سكانها لا توجد بها سوى عدد يسير من المدارس الابتدائية، وعدد قليل من المدارس المتوسطة، وثانوية واحدة.. واليوم يتجاوز عدد مدارسها ألف وخمسمائة مدرسة للبنين والبنات وخمس كليات.. الخ.
• لا ينسى ذكر أساتذته ومعلميه الذين تتلمذ عليهم, وفي مقدمتهم والدته الحنون -رحمها الله, والمشايخ: أحمد حسن عاكش, وعلي أبو زيد الحازمي وإبراهيم بن حسين عقيلي, والشيخ أحمد محمد عيِّه المعافى, وعلي بن يحيى إسماعيل دراج, وإبراهيم جبرة, وناصر خلوفة, ومحمد بن أحمد حكمي, وغيرهم كثير.
• وفي المرحلة الجامعية يذكر من بينهم الدكاترة: عبدالله بن عبدالمحسن التركي ومحمد عبدالرحمن المفدى, والمشايخ: عبدالعزيز المسند, وعبدالرحمن الدخيل, وعبدالرحمن الفنتوخ, ومناع القطان.
• وقال إنه أثناء دراسته في معهد صامطة، وعند إعلان نتيجة الامتحان ظهر أنه مكمل في مادة الحساب، رغم تأكده أنه من المتفوقين فيه، فقدم شكوى مشفوعاً بالبكاء بأن هناك خطأ، فوعده المدير بالنظر بذلك بعد انتهاء أعمال الاختبار، اكتشف الخطأ وأعلن نجاحه لتشابه اسمه مع زميل آخر. المشكلة أن أبناء بلدته (ضمد) قد غادروا ولم يبق إلا هو، فالطريق طويلة كانوا يقطعونه بيومين. أما الآن فبساعة بالسيارة، ولكن الله قيض له الشيخ أحمد حبيبي الذي رافقه.