د. حسن بن فهد الهويمل
الأستاذ الدكتور حمزة قبلان المزيني 1363-... يصعب عليك تأطيره في حقل معرفي؛ والأصعب عدم تأطيره. على سنن (ويلي عليك؛ وويلي منك يا رجل).
هو محسوب على حقل (علم اللغة الحديث) هكذا أتصور، وأمره إلى الله.
له خطاب حاد النبرة؛ نزّاع إلى الاعتزال.
أن تختلف معه حَدَّ القَدِّ فذلك متوقع، ومستساغ إلى حد ما.
ولكن أن تعاديه حَدَّ الجفوة، فذلك قطع للسبيل المعرفي؛ وحرمان للمشهد من المدد.
(المزيني) بحَدِّيته، وحِدّته الصارمة كاد أن يحرم المشهد من فيض معارفه؛ وأن يحرم نفسه الحضور المتعملق الذي يستحقه.
ما أشهد به تفوقه في فن (الترجمة) في زمن تصوح نبته. تحس وأنت تتلقى وساطته بالثقة، والاطمئنان.
وإن تعجب فعجب تأخر فوزه في مجال الترجمة التي تمنح كل عام لمن هم دونه؛ مع أنه ابن بجدتها لا يجاريه في مضاميرها إلا القليل.
وهو الناقد اللغوي الذي يمد بسبب إلى (تشومسكي) إمام المناهج اللغوية الحديثة، اليهودي غير المتصهين والأمريكي المعارض المجرِّم لدولته، استوعب معارف أستاذه، واستبد؛ ولم يحاك.
(المزيني) صعب المراس لا يتقي من خصومه تقاة، ولا يسلِّم لأحد منهم؛ وإذا نازل ضرب من تحت الحزام. ما يشفع له في حدته تضلعه من تخصصه، وثقته من معارفه؛ وإضافاته المعرفية المتميزة.
ألهته مشكلة (الأهلة) بين الرؤية؛ والحساب كما ألهت بني تغلب قصيدة (ابن كلثوم).
وشغلته (الحرية) الفكرية (المتربللة) بين الإطلاق؛ والتقييد؛ حتى لقد أوجف عليه الخصوم بألسنتهم الحداد؛ وأقلامهم الشداد.
ومثلما قال الناقد (الغذامي) عن الشاعر (العشماوي) ما معناه: يملك مشروعية الشاعر، ولكنه لم يكنه. أقول: إن (المزيني) الناقد، والمفكر، والمترجم لمَّا يخترق بإمكاناته الفذة مشاهدنا.
ومن ثم بقي رقما مهما في السياق الثقافي؛ والمعرفي لم يطرح للتداول.
السؤال المشروع:-
هل في الكأس بقية تمكنه من بلوغ مكانته الشاغرة التي يستحقها بجدارة؛ علما من أعلام المناهج اللغوية الحديثة، ومترجما يبز أقرانه في التخفيف من خيانة الترجمة كوسيط غير مؤتمن..؟
ذلك ما كنا نبغي لمفكر، وناقد نكن له الاحترام والإكبار.