محمد جبر الحربي
خليليَّ ما كتْمِي هواها غَضَاضَةً
أتحبسني ذلاً لتُمْطِرَنِي وَصْلا..؟!
وما كنتُ شتَّاماً ولا كنتُ فاضِحاً
وما كنتُ أجزيها على بُخلِها بُخْلا
ولا كنتُ مدَّاحَا ولا كنتُ حاوِياً
وإنْ أمْعَنَ الجُهَّالُ ما زِدْتُهُمْ جَهْلا
لأنِّي ورِثتُ الطِّيْبَ مِنْ نَبْعِ طَيْبَةٍ
وأنِّي ورِثْتُ الجُودَ مِنْ جَدِّيَ الأعْلَى
فأسقــيْتُ مَنْ أبْدَى بطيبِ سَجِيَّتي
وأسقيتُ مَنْ أخفَى وأسقيتُ مَنْ ضَلاّ
وما هـمَّـنِي أنِّي وحِيدٌ بعِزَّةٍ
وأنَّ رفاقَ الأمسِ قدْ لازَمُوا السَّهْلا
خليليَّ هذا المــوتُ، فاقترِحوا دَمَاً
شفيعاً، وإِنْ أدمَى الوشاةُ، بها أوْلَى
خليليَّ هذا الموتُ لمْ تُدمِنِي العِدَا
فهذي نِصَالُ الأهلِ، قدْ أدْمَنَتْ قتْلا
خليليَّ هذا الموتُ قولوا لها رِضَىً
وقولِوا لها أرْضَى، وماتَ وقدْ صَلَّى
وما كانَ يَحنِيها رِئَاءَ خَلِيقَةٍ
لأنَّ الفتى باللهِ قدْ أوْثَقَ الحَبْلا
يرِيدونَهُ مَيْتَاً ويبغِي حياتَهُمْ
وفي عُنُقِ الجوْزاءِ يبغِي لهُمْ نُزْلا
ويبغونَهُ صمْتَاً ويأبى جوادُهُ
وتأبَى الجِيادُ الصِّيدُ أنْ تَرِدَ الوَشْلا
رأيْتُ الأذى والــموتَ.. سِيَّانَ أَنَّنِي
رأيْتُ لحُودَ النَّاسِ في الأعينِ الكَسْلَى
وما أخفتِ الأفواهُ تُبْدِي عيونُهُمْ
عيونٌ على بُخْلٍ، وإنْ أظهَرَتْ بَذْلا
وإنْ أظهرتْ وِدَّاً، حذارِ وِدَادَها
ويَجتنبُ البطحاءَ مَنْ يَعْرِفُ السَّيْلا