خلال الشهرين الماضية كانت كيكة (سان سباستيان) هي المتصدرة في اجتماعات الأهل والأصدقاء وإعلانات الميديا.
انتشرت هذه الكيكة أو (التشيز كيك) الذي يصنع بدون قاعدة من البسكوت بسرعة في أوساط مجتمعنا وتنافست المحلات على تقديمها وهم يراهنون على أنهم وبلا منافس يقدمون الوصفة الأصلية!
الطريف في الأمر أنني وخلال متابعتي لإحدى السيدات الفاضلات التي قامت بالإعلان عنها وهي تعتبر خبيرة طبخ وتقدم الكثير من الوصفات اللذيذة التي ساهمت بشهرتها قالت إن اسم هذا الكيك يعود للخباز الذي خبزها لأول مرة؟! كانت هذه المعلومة هي التي تتردد كثيراً هنا وهناك، ولكن فالحقيقة أن الاسم يعود لمدينة سان سباستيان الجميلة التي تقع في شمال إسبانيا وتطل على المحيط الأطلسي وهناك يوجد محل إسمه «لا فينيا» أو « La Vi?a» الذي قدمها لأول مرة ومن بعدها وهو يستقبل السياح الباحثين عن ألذ تشيز كيك في العالم.
أنا لست هنا بغرض التعريف وإن وجب ولكنني في حالة تأمل لحالة (لذيذة) مرت على مجتمعنا وتناولها بكل حب ولم يفكر من تحدث عنها أو من تحدثت معهم عنها أن يبحثوا ولو لدقيقة عن هذا المسمى واكتفوا بالتكهنات أنها على اسم أول من خبزها!
هذا الحدث الذي قد يراه الكثير عادياً قادني لأسئلة كثيرة لماذا لا توجد لدينا روح البحث والتعرف على ماهية وأصل الأشياء التي نتداولها ونأكلها وتشتهر بيننا؟! لماذا لا نفكر بدل أن نتحدث ونعيد تدوير المعلومات دون التدقيق في صحتها؟!
هل أصبحنا أوعية استقبال فقط ومنحنا عقولنا إجازة من التفكير أو أننا من كثرة الانشغال أصبحنا نتلقى ما بحث عنه غيرنا على سبيل الراحة؟!
قد يغفر للغافلين عن البحث في كيكة سان سباستيان أنها بلذتها قد تغني عن أصلها ولكن لماذا مرارة بعض المواقف والظروف والحالات التي تمر على أيامنا لم تجبرنا على البحث في مسببها وعلاجه؟! تكافلنا وتعاوننا كمجتمع واحد هي ميزة تفتقدها الكثير من المجتمعات ولكننا كلما تهاونا في أمر بعضنا ذابت علاقتنا وتلاشت.
فقدنا الكثير من شغفنا بالحياة لأننا تركنا عقولنا جانباً وتجردنا من مشاعرنا التي تجمعنا كبشر ورأينا بعضنا ينزف وجعاً على قارعة طريق الحياة بلا سؤال وكأننا نقول (قدره وما نحن فاعلون) ولكننا نسينا أن ابتسامة وسؤالاً قد تكون نافذة الأسباب التي تغير القدر.
سؤال واحد فقط كفيل بتغير حياة أحدهم للأفضل!
(مسافرة)
** **
- بدرية الشمري