أيُّها التّشريني:
ما زلتُ متورطة بك!
ها أنتَ كمخلوقٍ ما ورائِي, تأتي بفوضوية متقنة؛ لتُصّرَ على اقتحامي, وتنجح!
ككلِّ الأشياءِ التي تتراكم في داخلي, وتظلّ حيّة لأنّها تستحق البقاء.
هأنذا كعادتي أنسجُ لك الأعذارَ.
حتى صمتُك الذي طالما كنت تمرره بحجة أنّك لا تُحسن فتح المواضيع، - والذي طالما أغضبني منك - علّمني غيابُك كيف ألتمسُ له الأعذار.
لم تكنْ من الذين يصُفّون كلامًا معلّبًا, وهذا هو سرّ تعلقي بكِ.
أيها الصامت حدّ الضّجر، والمتحدث حدّ الإدهاش:
هل تعلمُ أنّك عندما تتحدثُ يحتشدُ كلُّ هذا العالمِ؛ لينصَت لك؟
يا صعب الإدهاش:
اشتقتُ إليكَ حتى أني أتمنى لوأنني أمتلكُ قدرة على قصِّك من عالمِكَ وإلصاقِكَ في عالمي.
هل كنتَ نزوة؟
لاأظن!
النزواتُ لا تجعلُنا نمتلكُ كلَّ هذهِ القدرةِ على التّخاطرِ.
وحدهُ الحبُّ حتى الرّمقِ الأخيرِ يفعلُ ذلك.
أيُّها المتوقدُ فيّ رغم هذا الانطفاء:
هأنذا ما زلتُ أتنفسك كُلّما اختنقت.
على أنّكَ النّهايةُ التي أخذتْ في طريقِها كلَّ بداياتي.
أكتبُكَ؛ فتنزلقُ فيّ بِكُلِّ سلاسةٍ؛ لتتجسّدَ منْ جديدٍ, وأحيا بِكَ مِنْ جديد.
يا هاجسي:
أنا كالصقورِ تمامًا.
أخضعُ لعمليّةِ تغييرٍ مؤلمة؛ لأولدَ من جديد.
إلا إنني أشدّ تألما منها.
هي تخضعُ لها بعد ثلاثين عامًا, وأنا أخضعُ لها كلَّ عامٍ بمفردي!
يا (أنا) الذي أحياكَ:
هأنذا أُشعِلُكَ شمعةً مع كلِّ عامٍ جديدٍ؛ لأُجدِدَ بِكَ مولدي.
كلُّ عامٍ, وأنَا مسكونةٌ بِك.
** **
د. زكيّة بنت محمّد العتيبي