عبد الاله بن سعود السعدون
تابع أبناء الخليج العربي من دولة الكويت حتى سلطنة عمان بدوله الست جلسات قمة القوة والنماء، لقاء الرياض الذي عُقد في قصر المؤتمرات بدرعية مجد التاريخ السعودي.. وكان المؤشر الأول لإيجابيات قمة الرياض ظهور علامات التماسك والاستمرارية لمسيرة هذه المنظمة الإقليمية المهمة لمستقبل الشعب العربي الخليجي، وكانت مرتكزًا قويًّا للأمن القومي العربي.
وشكلت جلسات القمة الخليجية التاسعة والثلاثين مرحلة مهمة من مسيرة العمل السياسي المستمر الذي عاشه وعايشه مجلس التعاون لدول الخليج العربية في مراحله المتعددة من التعاون المشترك، وبآليات متقدمة من لجان استشارية وكوادر علمية وعملية متراكمة ومجتمعة من تشكيلة متجانسة في محيط الأمانة العامة من كفاءات مختارة من دول المجلس الست، ومروره بأجواء ساخنة لشدة رياحها الموسمية والدائمة إقليميًّا ودوليًّا، استشعر بشدتها وخطورتها العديد من كوادر الأمانة العامة لمجلسنا الخليجي المتنافسة حولنا. وقد اكتمل واتفق وتطابق القرار السياسي الموحد بين القيادة الخليجية الوطنية ورغبات شعبها المشترك في تاريخه وجغرافيته وجذوره القومية والمتعايشة مع الأحداث المتلاحقة في سرعتها وخطورتها، وبخاصة التي ترقى في خطرها المهدد لأمننا القومي ومنافعنا الاقتصادية المشتركة، المؤثر على مستقبل أجيالنا القادمة..
ومع قمة الرياض واجتماعات المجلس الأعلى لقادة دولنا الخليجية التاسعة والثلاثين بيَّن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -نصره الله- في كلمته التاريخية مفتتحًا أعمال القمة الخليجية وشدد على أهمية هذا اللقاء الخليجي، وعلى أعلى مستويات المسؤولية القيادية، ونبَّه -حفظه الله- من خطر التطرف الإرهابي في منطقتنا، ووضع أصبع التنبيه والحذر على مصادر دعمه وتمويله، وتوجيه بوصلة اعتداءاته على منطقتنا الخليجية والعالم بقوله -أيده الله-: «إن منطقتنا تمرُّ بتحديات وتهديدات لا تخفى عليكم؛ فلا تزال القوى المتطرفة والإرهابية تهدد أمننا الخليجي والعربي المشترك، ولا يزال النظام الإيراني يواصل سياساته العدائية في رعاية تلك القوى، والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى؛ وهذا يتطلب منا جميعًا الحفاظ على مكتسبات دولنا، والعمل على شراكتنا لحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم».
وبهذا التوجيه السامي لخص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان رئيس مجلس القمة خطورة الدور العدائي للنظام الإيراني لرعايته مصادر التطرف والإرهاب بتبني سياسة توسعية تحريضية معادية لشعوب خليجنا العربي.. وقد كان المواطن الخليجي يراقب ويترقب ولادة أمله المنتظر في استمرار اتجاه بوصلة المسيرة المباركة لمجلس التعاون نحو البناء والتماسك، المنسجمة مع تطلعاته وطموحاته القومية حاضرًا ومستقبلاً، والمؤثرة في محيط جوارنا الإقليمي، والمحققة للمطلب المشترك في تحقيق حالة دائمة من السلام والاستقرار لمنطقتنا الجغرافية التي تتعرض لمشاريع سياسية توسعية عديدة.
وجاءت فقرات البيان الختامي لقمة الرياض في تنويعها العسكري والأمني والاقتصادي مشددة على الاهتمام بالشعب الفلسطيني وقضيته المصيرية، والدعوة لوحدة الصف الفلسطيني أمام التحدي الإسرائيلي، والسعي نحو السلام العادل الذي يحقق حقوق الفلسطينيين في إنشاء دولتهم على تراب وطنهم حسب مبادرة السلام العربية.
ودعا البيان الختامي إلى تحقيق السلام على أرض اليمن بناء ما جاء بالقرارات الأممية بعودة الشرعية واندحار قوى الإرهاب التي سرقت سلطة الشعب اليمني العربي الشقيق.
وشدد البيان الختامي على التكامل الاقتصادي وتمهيد الطريق بالتشريعات للوصول لمرحلة السوق الخليجية المشتركة، وتوحيد القدرات العسكرية والأمنية، وتعيين قيادة عسكرية مشتركة لمواجهة الأخطار المرتقبة على منطقة الخليج العربي.
ويجب أن ندرك جيدًا أن الزمن متسارع، لا يمكن إيقافه؛ فالأحداث المتلاطمة كأمواج خليجنا الغاضب متجهة نحو ساحلنا الغربي من كويتنا الغالية حتى مسقطنا المعطرة، ولا بد أن ندرك أن مسؤوليتنا مشتركة أمام الأحداث المتوقعة في محيطنا الإقليمي والدولي، ولا بد التجهيز لها بتركيز مصادر قوتنا العسكرية والاقتصادية المحصنة بدبلوماسية عالية ضمن إطار تعاوننا الخليجي المنتظر الذي يشكل الحصن المتين لسيادة أوطاننا وكرامة شعبنا العربي الخليجي وملاءمته لمناخ العولمة والتكتلات الإقليمية والدولية.. ولنجدد موقعنا الجغرافي المناسب في عالمنا الحاضر مع الاسترشاد والاتعاظ بمسيرة تاريخنا الإسلامي في توحيد القرار، وحكمة التخطيط لمستقبل أمن مزدهر بقوتنا الذاتية الخليجية الموحدة.