فيصل خالد الخديدي
العين نافذة الروح وبوحها الذي لا يخدع، وحديث العين حديث الصدق الشفيف الذي لا يراوغ ولا يكذب لمن كان عارفاً للغة العين وأسرارها، وعاش ضعفها وانكسارها ولامس قوتها وانتصارها، والعين حتى في صمتها وانطفائها تشي بمكنوناتها بين شموخ صمتها وضجيج قلقها، والعين ترجمان الروح وبوح صامت، ندرة من يستطيع رصد دقة حالاتها والممايزة بين أحوالها سواء في التفسير والتحليل أو في الرسم والتصوير، أبدع البعض في رسمها والإتقان في تفاصيلها ونظراتها ولكن قلة منهم استطاع أن ينقل إحساس حالات وجوهه المرسومة من خلال نظرات عيونها والتنويع في انطباعاتها بمختلف أوضاعها، والأكثر صعوبة وإتقان من استطاع الانتقال بالمشاهد لوجوهه المرسومة بين التعابير الإنسانية المختلفة بعيون مغمضة أو شبه مفتحة في تحدي أكثر لقراءة مكنونات العين وحالات النفس دون إطلاق نظراتها وهو مايتطلب حدسا كبيرا وإحساسا أكبر وإتقان مبهر ليصل الفنان قبل المتلقي لهذه الحالة من الشفافية في قراءة حالات النفس من خلال العين ونقل هذا الانطباع برسوم متقنة للحالة الإنسانية قبل إتقان الرسم، ولعل هذا ماحققته الفنانة موضي مصلح في رسوم وجوه شخصياتها التي اختصرتها في ملامح أنثى تخصها هي ولا تحاول أن تشابه أنثى غيرها بل اختزلت عالمها في ملامح أنثاها ومادون ذلك مكمل ومزين لها وجعلت كل ملامح الأنثى مكملة لنظرات وجوهها المرسومة، فكانت العين محور المحور في أعمالها، ووجوه الأنثى محور أعمالها، فعيون شخصياتها تختصر قضيتها التي اختزلت الإنسانية في امرأة وحالات المرأة تقرأ من خلال أعينها معادلة بسيطة لكنها عميقة خدمتها الفنانة بتكريس رسم مفردتها دون ملل ونحتت تجربتها اللونية والشكلية حتى وصلت لنضج في معالجات تقنية وتعبيرية تصل حد الإيهام إلى أننا أمام بقايا أعمال من عصر قديم لاينتمي لعصرنا الحالي، اللون عند وجوه موضي يضيف للحالة الإنسانية شيء من السكون ليطفئ كثير من القلق الذي تبعثه عيون شخصياتها المنطفئة أو المغلقة قسراً بلون مغاير، صمت أفواه وملامح وجوه أعمالها يقابله ضجيج ينبعث من عيون شخصياتها ليبقي كثيراً من الأسئلة مشتعلة لدى المتلقي عن سر الصمت المقلق في نظراتها.