ماجدة السويِّح
الأمريكيون أكثر شعوب العالم تسلحاً بالمسدسات، البنادق والرشاشات، للحماية والدفاع عن النفس، لكن امتلاك السلاح لم يوقف الأرقام المتصاعدة للجريمة في الولايات المتحدة الأمريكية.
الدفاع عن النفس والبحث عن الشعور بالأمان، هو ما يدفع العديد من الأمريكيين للتسلّح، وسهّل قبول الناس لاقتناء السلاح، ودفع بالقوانين لتسهيل امتلاكها، وحفظها في البيوت، رغم عدم الحاجة الفعلية لها عند الأغلبية.
امتلاك الأسلحة مرتبط بزيادة معدل الجريمة كالقتل والاغتصاب والسرقة، وغيرها بحسب 30 دراسة أمريكية، في حين تظهر دراسات أقل أن امتلاك السلاح، قد يساعد في الدفاع عن النفس، والتصدي للجريمة.
المقابلات التي تم إجراؤها مع غالبية مالكي السلاح في بعض المدن الغنية بالأسلحة، تظهر أن فكرة اقتناء الأسلحة، لا ترتبط بفكرة الدفاع عن النفس، كما يروِّج ويدّعي بعض أنصار الحق بامتلاك السلاح.
وقد اتفقت عدة دراسات من عام 1980 إلى 1990 على وجود رابط بين حفظ الأسلحة في البيوت، وزيادة مخاطر ارتكاب جرائم القتل والانتحار.
وفي دراسة أخرى نشرت عام 1998 أظهرت أن وجود المسدسات والبنادق في المنزل يزيد من احتمالية التسبب بالقتل الخطأ، ويزيد من خطر استخدامها 7 مرات في الاعتداء أو القتل، كما يزيد من احتمالية استخدامها بالانتحار بنسبة 11 مرة، من احتمالية استخدامها في الدفاع عن النفس.
عام 2015 تسبب السلاح بإزهاق أكثر من 36.000 روح أمريكية، في حين حصدت الأسلحة في المدارس الأمريكية العشرات بسبب مراهق مضطرب، أو أحمق رأى أن المسدس أو الرشاش، هما الطريق الوحيد للتنفيس عن غضبه أو حقده على المعلمين والطلبة، دون تصور لتبعات قراره الذي اتخذه.
والمؤسف في تلك الحوادث المأساوية أن غالبية مرتكبي حوادث إطلاق النار في المدارس الأمريكية، استعانوا بأسلحة الوالدين المرخصة، حيث سهلت لهم الأسلحة الموجودة بالمنزل الطريقة الأسهل لتنفيذ خططهم، وتدمير حياة أناس أبرياء.
في الحقيقة مزيد من السلاح يعني مزيداً من الضحايا، بحسب التجارب التي نستقيها من الدول التي سبقتنا في تنظيم عملية امتلاك السلاح واستخدامه، مع حاجتهم له في بعض الأحيان، بسبب ارتفاع معدلات الجريمة في ولايات معينة، أو السكن في أماكن مهجورة في الغابات أو الجبال، التي تتقاسم فيها الحياة مع بعض الحيوانات المتوحشة.
القرار الأخير حول السماح بامتلاك السلاح وعدم قصره على سلاح واحد، يرسم ألف سؤال وسؤالاً عن مدى فائدة ذلك القرار على الفرد والمجتمع وانعكاسه مستقبلاً.
حينما يتاح للناس امتلاك السلاح بواسطة إجراءات قانونية هل يعني ذلك أننا بمأمن من إساءة الاستخدام؟! واحتمالية العبث بِه من قبل الأطفال والمراهقين؟!
وهل ستمنح تلك الأسلحة لمالكها أماناً مضاعفاً، ونحن نعيش في بلد آمن؟!
وكيف سيحافظ الآباء والأمهات على السلاح من الوقوع في يد الأطفال؟
هل المزيد من الأسلحة ستعطي مزيداً من الأمان؟! وتقلِّل من مهرجانات عتق الرقاب؟! التي تستنزف الكثير من الأموال، والجهود في جمع الدية، لعتق رقبة متهور أو غاضب وربما مجرم، سهَّل له السلاح التخلص من عدوه أو صديقه.
و أخيراً... العاقل من اتعظ بغيره، واستفاد من تجارب العالم المحيط به، وآثارها السلبية والكارثية.