مكة المكرمة - واس:
أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود أن المملكة العربية السعودية التي قامت على منهج الوسطية والاعتدال، والتي تشرف بخدمة الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن سوف تواصل -بإذن الله- التزاماتها ومبادراتها بما يحقق آمال المسلمين.
جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها نيابة عن خادم الحرمين الشريفين، صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة لدى افتتاحه أمس المؤتمر العالمي للوحدة الإسلامية الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين وبعنوان (الوحدة الإسلامية - مخاطر التصنيف والإقصاء) وذلك في مكة المكرمة.
ورحب سمو الأمير خالد الفيصل بالمشاركين في المؤتمر ونقل لهم أطيب تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله-.
كلمة خادم الحرمين
وفيما يلي كلمة خادم الحرمين الشريفين -رعاه الله-:
أثمن عالياً تداعي هذه النخبة من علماء الأمة الأجلاء إلى هذا المؤتمر، استشعاراً لواجبهم الشرعي في رأب الصدع المهدد لأمتهم، ونبذ الخلاف، وتوحيد الصف، والاتفاق على خطاب واحد نتوجه به إلى العالم.
والأمل معقود -بعد الله- على هذه المشاعل الوضاءة بالعلم الراسخ، لإقالة عثرات الأمة، وتحقيق وحدتها الجامعة، التي ليست موجهة ضد أحد، بل تسعى للتضامن من أجل خير الإنسانية جمعاء.
وإن نظرة سريعة إلى واقعنا المعاصر، كفيلة بأن ندرك ضرورة تجاوز الصور السلبية التي أثقلت حاضرنا، وتلك التراكمات التاريخية وآثارها على مسار الأمة الإسلامية، لذا فنحن مدعوون إلى نشر الوعي، وتصحيح المفاهيم المغلوطة، واستيعاب سنة الاختلاف، من خلال مد جسور الحوار والتفاهم والتعاون، نحو الوفاق والوئام والعمل الجاد، والنظر للمستقبل بأفق واعد مفعم بروح الأخوة والتضامن.
وقد أحسنت رابطة العالم الإسلامي، باختيارها «مخاطر التصنيف والإقصاء» عنواناً لهذا المؤتمر، وجعلت «تعزيز مفاهيم الدولة الوطنية وقيمها المشتركة» أحد محاوره، سعياً لجمع كلمة علماء الأمة ودعاتها ومفكريها، للبناء على المشتركات، والتقريب بين الرؤى، وترشيد ثقافة الخلاف، والعمل طبقاً لوسطية الإسلام واعتداله، التي انتشرت على أساسهما حضارته، لتغطي نحو ثلثي العالم.
الحفل الكريم..
إن عالمنا الإسلامي بأسره، يتطلع اليوم إلى هذا الجمع المبارك، ويضع كل آماله في أن يتصدى مؤتمركم الموقر للمعوقات التي تحول دون قيام وحدته الجامعة، وترسخ حالة الفرقة والشتات، والتنازع الذي حذرنا منه المولى -جل وعلا- في قوله الكريم... (وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ).
ولا شك أنكم تجتمعون اليوم لمهمة ليست بالهينة، نظراً لكونها تعالج تراكمات كثيرة، وعداءات أكثر من الناقمين على أمة الإسلام، الذين يجردون حملة شرسة على دينها وأخلاقها وثقافتها وحضارتها، وينسبون للإسلام ما ليس فيه، مستغلين انحراف الغالين في الاتجاهين، لكنكم بعزائمكم القوية وعلمكم الراسخ، قادرون -بإذن الله- على تحقيق هذه الوحدة الإسلامية الجامعة، حلم أبناء أمتكم على امتداد المعمورة، كي تستأنف الأمة دورها التاريخي قدوة حسنة للعالم أجمع.
والمملكة العربية السعودية التي قامت على منهج الوسطية والاعتدال، والتي تشرف بخدمة الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن سوف تواصل -بإذن الله- التزاماتها ومبادراتها بما يحقق آمال المسلمين.
أسأل الله -جل وعلا- لكم التوفيق والسداد في مهمتكم الجليلة، وأن يوفقنا جميعا لما يحب ويرضى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كلمة مفتي لبنان
وكان حفل افتتاح المؤتمر قد بدأ بتلاوة آيات من القرآن الكريم ثم ألقى مفتي لبنان الدكتور عبد اللطيف دريان كلمة قال فيها : إن المؤتمر يسعى لجمع كلمة العلماء والدعاة، وتقريب وجهات النظر حول قضايا الوحدة الإسلامية وترسيخ مفاهيم وقيم الوسطية والاعتدال، وتعميق أواصر التآخي والتآلف بين المسلمين، ونبذ خطاب التفرق والتشتت والتصنيف والإقصاء.
كلمة رئيس المجلس
الأعلى بالجزائر
كما ألقى رئيس المجلس الأعلى في الجزائر الدكتور بوعبد الله محمد غلام الله كلمة أكد فيها أن المؤتمر الذي يعقد اليوم في مكة المكرمة برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين سوف يكون له شأن عظيم في توحيد صف المسلمين وجمع كلمتهم.
بدوره أعرب مفتي جمهورية مصر العربية الدكتور شوقي علام في كلمته عن الشكر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - على رعايته الكريمة لهذا المؤتمر، كما تحدث فيها عن أهمية الوحدة الإسلامية وثقافة الخلاف.
كلمة د. العثيمين
كما ألقى معالي الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين كلمة رفع فيها الشكر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع - حفظهما الله - على الرعاية الكريمة لهذا المؤتمر الدولي المهم الذي يأتي امتداداً واستكمالاً لمواقف المملكة الواضحة والثابتة تجاه قضايا العالم الإسلامي، وريادتها الروحية، ودعمها المتواصل لكل ما يجمع ويوحّد شمل المسلمين.
وأشار معاليه إلى أن الله سبحانه وتعالى امتدح المسلمين بقوله (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) في تأكيدٍ ربانيٍ يدعم وحدة الأمة الإسلامية، ومصيرها المشترك، وهو ما يلقي بمسؤوليات جسام على دولنا الإسلامية للعمل على تحقيق مقتضيات تضامن الأمة، واجتماع الكلمة، وتوحيد الصف، وتجاوز كل ما يفرق لُحمتها ويضعف قوتها، والتوافق حول المشتركات التي تعزز من تكاملها، وتدعم تماسكها، وتؤسس لتعاون بين دولها أكثر اطمئنانا في ظل المقاصد المقدسة لهذا التوجيه الرباني.
وقال الدكتور العثيمين «إن المسلمين ابتلوا بمهددات ومخاطر من الداخل بسبب التصنيف والإقصاء والتنابز واجتراح الأوصاف التي تصبغ مكونات الأمة بمسميات ما أنزل الله بها من سلطان، فكان نتيجة ذلك اتساع المسافات، واختلاف القلوب، وتباعد الغايات، فاغبرت المسالك، وتاهت الخطى، وتشتت الهدف وأصبح كل حزب من المسلمين بما لديهم فرحون. وإن أشدَّ ما يتعجب له العاقل أن يحدث هذا الشتات».
وأكد الدكتور العثيمين «أن منطلقات وحدة الهدف والمصير وتحقيق مقاصد التضامن الإسلامي ليست لمصلحة المسلمين فحسب وإنما هي أيضاً لصيانة العلاقة بينهم وبين غيرهم من بني البشر، فالله سبحانه وتعالى خلقنا شعوبا وقبائل لنتعارف، ونتعايش، ونُسهم مجتمعين في عمارة الأرض التي استخلفنا الله عليها».
وأضاف قائلا : إن من هذا المنطلق قامت منظمة التعاون الإسلامي قبل نحو خمسين عاما، على يد رائد التضامن الإسلامي الملك فيصل بن عبد العزيز - تغمده الله بواسع رحمته - وهي الآن في رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز -حفظهم الله- يولونها الرعاية والعناية والاهتمام ويحافظون على استقلالها منصة ًجامعةً للدول الإسلامية بمختلف مذاهبهم وأطيافهم، هذا الموقف السعودي المبدئي إنما هو تأكيد على أن التضامن الإسلامي هو مبدأ راسخ في القناعة السعودية لا تحيد عنه تحت أي ظرف كان».
وقال : «إن وحدة الأمة الإسلامية وتضامن دولها لا يعني بحال التفريط في مكتسبات كل دولة على حدة، فقوة الأمة مجتمعة علامة ظاهرة على قوة مكوناتها على الصعد الوطنية. ولذلك فقد أجمعت دول العالم الإسلامي على عدم التدخل في الشؤون الداخلية لبعضها البعض، والعمل في ذات الوقت على تكثيف التعاون وتبادل المصالح والمنافع، واستمرار التنسيق الذي يخدم الدول الأعضاء».
وأوضح معالي الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أن الإفراط في اعتناق المشتتات الأيديولوجية قد أفضى إلى التطرف والغلو، وشط بعض المسلمين في تمسكهم بما يفرق الصف، ويحزّب الأمة، ويقصي مكوناتها، فقادهم ذلك إلى التطرف والعنف والإرهاب، وأصبحوا أدوات في خاصرة الأمة يؤلبون عليها شعوب العالم ويشوهون حقيقة الإسلام الناصعة، ومبادئه السمحة، ووسطيته واعتداله.
وأثنى على جهود المملكة الصادقة لتنقية الإسلام من تلك الأفكار المتطرفة، على يد فئات ضالة حاولت اختطافه، وعملت على تقسيم العالم إلى فسطاطين؛ خير مزعوم نصبت نفسها بباطلها على رأسه، وشر مزعوم وضعت فيه بقية مكونات الأمة ومعهم الإنسان في كل مكان، وهدفت بهذا التصنيف خلق مواجهة مسلحة في حروب بالأصالة أو الوكالة تؤدي في نهاية المطاف إلى هلاك الحرث والنسل، وتعطيل شعائر الله، وسفك الدماء المعصومة، وتأليب الأمة على بعضها من جانب، وتأليب أعدائها عليها من جانب آخر.
وقال معاليه : «إن المملكة اتخذت خطوات جريئة وسنَّت سياسات حازمة وسحبت البساط عن مدعي التدين، وعرَّت حججهم ونزعت عنهم الغطاء الشرعي الذي أوهموا به العوام.
وأصبحت التجربة السعودية محل تقدير واهتمام دول العالم الإسلامي تستفيد منها وتستفزع بها، لتؤكد بلاد الحرمين الشريفين أنها المرجع الموثوق في كل ما يتعلق بالإسلام، ويلتف حولها علماء الأمة الإسلامية من أمثالكم لتكونوا المرجع في تجديد الخطاب الديني، ومحاربة التطرف ونشر الاعتدال والوسطية، وهي المقاصد الأسمى لاجتماع الأمة وتعزيز السلم والأمن في العالم.
وأشار إلى أن منظمة التعاون الإسلامي قامت بإنشاء إدارة باسم الحوار والتواصل بهدف مد الجسور بين مختلف الأطياف دون تمييز، من أجل مكافحة نزعات الإقصاء والتصنيف، وكذلك التعاون الوثيق مع هيئات كبرى لتحقيق ذات الغرض مثل رابطة العالم الإسلامي ومركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات.
رئيس مجلس الإمارات للإفتاء
كما ألقى رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة الدكتور عبد الله بن بيه كلمة أشار فيها إلى أن الوحدة مفهوم إسلامي عظيم يشمل جميع دوائر الوجود الإنساني، ويغطي جميع العلاقات الفردية والجماعية والدولية، مبيناً أن الإسلام دين التوحيد ودين الوحدة ووحدة الشعور والشعائر.
كلمة د. العيسى
بدوه قال معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي وعضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى : «إنّ هذا اللقاء الوحدوي في تقريبه للرؤى والاجتهادات، والتفافه حول المشتركات، دافعاً بمشاعر الأُخُوّة الإسلامية نحو التطلع الأمثل، محذراً من مخاطر التصنيف والإقصاء، مع تعزيزه لمفاهيم الدولة الوطنية وقيمها المشتركة، يُعدُّ الأول من نوعه «كماً وكيفاً» تحت مظلة رابطة الشعوب الإسلامية في رحاب مكة المكرمة، ويَصحبُ التقدير الكبير للهيئات والمؤسسات الإسلامية الحكومية والأهلية الحاضرة معنا اليوم التشرف بشخصيتها أيضاً وذلك لمتانة كل منهم في العلم والفكر الشرعي قبل وصفه المؤسسي، فهذا اللقاء الاستثنائي هو في المرتبة الأولى لقاءُ كبار علماء ومفكري الأمة المشهود لهم بالرسوخ من قبل الجميع».
وأضاف قائلا : «إنه عندما نجد أن عموم مفتيي العالم الإسلامي وكبار علمائه معنا اليوم ملبيِن دعوة الرابطة لموضوع هذا المؤتمر المهم، منعقداً في الرحاب الطاهرة، ندرك يقيناً أن وجدان سادة الأمة في العلم والفكر ينطوي على خير وفير، مبشراً بمستقبل أكثر وعياً وعطاءً في مواجهة مخاطر الشقاق والفرقة والتطرف والإرهاب ومخاطر النظرة العَجلَى نحو الآخر غير الإسلامي في زمن يتطلب مزيداً من التأني والحكمة والنظر بتمعّن في المآلات، علاوة على أهمية سبق الجميع بحصن النوايا وإرادة الخير لهم، فهذا المؤتمر جاء في سياقة الهداية الربانية حيث يقول الحق سبحانه (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ).
ووصف معالي الدكتور العيسى المؤتمر بأنه لقاء الحوار والتقارب والخطط العملية لتحقيق التطلعات التي يتوخاها الجميع من مخرجاته.. مضيفا : «وما أحسن أن يكون الأخ قريباً من أخيه حَسَن الظن به، يبادره بقبول عذره وتفهُّم سنة الله في الاختلاف والتعدد مع تبيان ما يراه حقاً وصواباً بالحكمة والموعظة الحسنة، دون استعداء ولا استعلاء ولا تشهير، فضلاً عن مجازفات التكفير ونحوه».
وأشار إلى أن استطلاعات الرابطة التشخيصية أثبتت أن السبب الرئيس لعددٍ من السلبيات والتداعيات يكمن في ثلاثة أمور هي: (غياب الحوار المنفتح بأدبه العالي، فالإنسان عندما ينغلق على نفسه أو على مجموعته الخاصة فإنما يدور حول ذاته في حلقةٍ مفرغة تستحكم مع الزمن، منكفئةً على نفسها ومتوجسةً من غيرها، والسجالات العقيمة بين المذاهب والطوائف بذرائع واهية عادت بمفاسد تفوق مصالحها المتوهمة، وشاهدُ ذلك حالة التداعي المُطَّرد بينها، وغير خافٍ أنّ بيان الحق يسبقه التأليف والرحمة واللين مع الجميع، كما هو خُلُقُ الإسلام الرفيع، مع اليقين بأنّ كلاً منَّا مكلفٌ بالبلاغ فحسب، ومن ضاق ذرعاً بعد ذلك، أو زاد عنتاً وشغباً فقد نكث أخوة الإسلام وسمته، واخيراً التهافت السلبي على الريادة الروحية في خصوص شأنها العلمي والفكري) وأضاف : «وهنا نقول إنه لا ريادة حصرية في ذلك لأي فرد ولا مؤسسة إذ لا كهنوت في الإسلام كما أنّه لا عصمة لأحد بعد نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم- وكل تهافت في هذا هو -في ثاني الحال- دعوةٌ لطلق السعة العلمية مع إلقاء الآخرين وفرض الهيمنة عليهم من جانب واحد، مع احترازنا في هذا إلى أهمية إرشاد العموم لسؤال أهل العلم والإيمان في أفرادهم ومؤسساتهم، كما أننا ندعو إلى أهمية التعاون بين تلك المؤسسات والأفراد مع التقدير والإكبار لهم جميعاً».
وأوضح معاليه أن حضور هذا المؤتمر جاء من مائة وسبعٍ وعشرين دولة، حافلاً بمشاركة مئات العلماء والمفكرين والباحثين.
وأعرب معاليه باسم جميع المشاركين في المؤتمر عن الشكر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- على الحفاوة والرعاية.
كم أقدم الشكر لصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة على تشريف حفل هذا المؤتمر.
كلمة مفتي المملكة
كما ألقى سماحة مفتي عام المملكة ورئيس المجلس الأعلى لرابطة العالم الإسلامي الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ كلمة رحب فيها بصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، والمشاركين في المؤتمر.
وقال سماحته: «إن الإسلام حث على وحدة المسلمين واجتماع كلمتهم، وتضافرت نصوص القرآن والسنة على ذلك، قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ}.
وأكد سماحته أن الإسلام لم يكتف بالدعوة المجردة إلى الوحدة والاجتماع فحسب، بل خطا في هذا السبيل خطوات عملية وإيجابية وذلك بإزالة جميع الفوارق بين البشر، وإلغاء جميع أنواع التمييز بينهم على أساس اللون أو العرق أو اللسان أو القبيلة أو غير ذلك، وبين لهم أنهم جنس واحد، ومن عائلة واحدة، أبوهم آدم، وأمهم حواء، ولا فضل لأحد، على آخر إلا بالتقوى.
وبيَّن أن من سمات الأمة المسلمة أن تكون أمة واحدة تجتمع على عبادة الله، وحده لا شريك له، والانقياد لشرعه سبحانه، تسود بينهم الأخوة والمودة والمحبة، يشدّ بعضهم بعضاً، ويتراحمون ويتعاونون فيما بينهم، مؤكداً أن أهل السنة والجماعة بشكل أخص من أحرص الناس على هذا الأمر، فكان من أهم سماتهم حرصهم على اجتماع الكلمة ووحدة الصف، فالاجتماع فيه الخير والبركة، والفرقة فيه الشر والعذاب.
وقال سماحته : «مع الأسف إذا تأملنا حال الأمة المسلمة في وقتنا الحاضر نرى غياب هذا الاجتماع بين كثير من المسلمين، ووجود بعض المظاهر السلبية بينهم من التفرق والاختلاف والتحزب والانقسام على الجماعات المتنافرة بل والمتناحرة فيما بينهم، فكان هذا التفرق والتناحر سبباً في وهنهم وذهاب قوتهم وتسلط الأعداء عليهم».
ودعا سماحته المسلمين إلى الحرص على اجتماع كلمتهم ووحدة صفهم في ظل تعاليم الإسلام كما جاء في الكتاب والسنة والسير على منهاج سلف الأمة من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان والحذر من التفرق والاختلاف والتناحر والانقسامات والتحزبات التي فرّقتْ بين المسلمين، وشتتتُ جمعهم وباعدت بينهم وقضت على معاني الأخوة والمودة والرحمة بينهم.
وأكد سماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ أن هذا المؤتمر الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي يأتي في سياق الحفاظ على وحدة المسلمين ومعالجة بعض المظاهر السلبية التي تخدش الوحدة الإسلامية بين المسلمين من التصنيفات الجائرة، والإقصاءات المفرّقة بينهم، ووضع الحلول لها، وسبل التخلص منها والقضاء عليها.
وأضاف قائلا : إن إقامة مثل هذا المؤتمر خير برهان على ما توليه المملكة من عناية واهتمام لقضية وحدة الأمة المسلمة واجتماع كلمة المسلمين وتوحيد صفهم، والسعي إلى القضاء على ما يحصل بينهم من خلافات ومشاحنات، والتقريب بينهم بشتى الطرق والوسائل منذ أن تأسست.
وأشار سماحته إلى أن ما تقوم به قيادة المملكة من جهود مباركة لتحقيق الوحدة الإسلامية، يأتي انطلاقا من مكانتها الإسلامية وهي تمثل قبلة المسلمين ومأوى أفئدتهم.
ودعا سماحته الله تعالى أن يجزي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- خير الجزاء.