د. محمد عبدالله الخازم
أحد المظاهر التي يلمسها من درس أو درس أطفاله في الدول الغربية تتمثل في كثرة الفعاليات والرسائل المخصصة لجلب التبرعات للمدرسة وفعالياتها المختلفة، وهي عادة ليست إجبارية ولكنها فعالة في استقطاب دعم الطلاب وأولياء الأمور والخريجين والساكنين بالحي. كما أنها ليست بالضرورة توفير ميزانيات كبيرة للمدرسة وإنما هي غالباً تمثل نوع من الدعم لبعض الفعاليات المقامة بالمدرسة حيث إن الميزانيات الرسمية تكون محدودة أو مخصصة لبنود رئيسة تتعلق بالرواتب والتشغيل والصيانة وغير ذلك.
هناك ماهو أكبر من ذلك يتم في المدارس المستقلة وبعضها يكون ممولا بشكل كامل كمنظمات غير ربحية مواردها تستخدم للصرف على تشغيلها وتطويرها ويتم في المدراس الخاصة حيث تؤسس جمعيات غير ربحية تابعة للمدرسة أو النظام المدرسي وفق الأغراض التي يحددها المتبرعون ومنها تقديم منح دراسية مجانية أو جزئية لبعض الفئات الطلابية.
في المملكة رغم التوجه نحو المدارس المستقلة ورغم قدم القطاع التعليمي الأهلي ورغم وجود ورغبة المتبرعين لمدراسهم ومدارس أبنائهم إلا أننا نفتقد التنظيم المناسب لذلك. تحديداً نفتقد النظام الذي يساعد في نشأة المنظمات غير الربحية التعليمية وتطوير الأوقاف العلمية وتطوير نظام التبرع للمدرسة والنظام المدرسي. ولتبسيط الفكرة؛ ماذا سيحدث لو رغبت التبرع لمدرستي التي تخرجت منها؟ أين ستذهب الأموال التي أتبرع بها؟ وكيف أضمن أنها تذهب للأغراض التي أودها؟
يوجد المقصف المدرسي لكنه يبدو أنه محدود التنظيم والمهام ولا يفي باللازم في عملية استقطاب التبرعات وإقامة فعالياتها المختلفة، لذلك نحن بحاجة لتأسيس هذا المفهوم والتشجيع عليه. على سبيل المثال ليشترط على كل مدرسة أهلية عدد طلابها يزيد عن 200 تأسيس مؤسسة أو برنامج غير ربحي أو وقف يمول منح دراسية مجانية، لا تقل عن 2% من عدد طلاب المدرسة. كما يقترح تشجيع المدراس الأهلية للتحول من كيانات ربحية إلى كيانات غير ربحية بحيث يتم تدوير أرباحها لصالح خدمة المدرسة وتطويرها. كما يقترح أن يوجد بكل مدرسة صندوق أو برنامج لموادر المدرسة الذاتية من تبرعات وأوقاف وغيرها وفق آليات حوكمة وآليات صرف وآليات تنمية واستثمار واضحة تشارك فيها المدرسة وأولياء الامور بشكل يحافظ على بقاء الموارد للمدرسة وليس إعادتها لوزارة المالية أو الوزارة.
وغير ذلك من المقترحات التي لا تهدف فقط إلى مانراه ظاهراً وهو زيادة الموارد ومساعدة المدراس لتبني نشاطات وأفكار إضافية، بل كذلك لتعليم النشء والمجتمع على العطاء والتبرع والدعم والمشاركة والإحساس بالمسؤولية المجتمعية. نحن ندعي بأننا أمة تحث على التبرع والصدقة والمساهمة ودعم المجتمع ودعم التعليم ونحتاج تربية أطفالنا على ذلك من خلال مدارسهم وتبرعهم ودعمهم لها.
ختاماً أكرر الفكرة؛ أنا أريد التبرع لمدرستي التي درست فيها الابتدائية، فما هي الآلية؟ وكيف أضمن أن تبرعي سيتسخدم من قبل المدرسة وفق ما أريد؟ وكيف تستطيع المدرسة استقطاب مزيد من التبرعات مع تبرعي لتنفيذ بعض الأنشطة والأفكار التي تراها مناسبة للمدرسة ومجتمعها الصغير، دون أن يعاقب معلميها أو يتهمهم الأهالي بالجشع وتجاوز الأنظمة؟