د.دلال بنت مخلد الحربي
خصص يوم الأحد 9 ديسمبر ليكون يوماً عالمياً لمكافحة الفساد، وهو يوم حددته الأمم المتحدة للتوعية بخطورة الفساد على مقدرات الشعوب، وللتذكير بأضرار الفساد وما يجلبه من خراب على الأمم عندما يستشري فيها.
والفساد لا يخص أمة بعينها، ولكنه يكاد يكون بين كل أمم الأرض، فليس من أمة إلا وتشتكي من تبعات الفساد وأضراره، ووفقاً للأخبار التي تتوالى من العالم في أوقات مختلفة، نقرأ عن فضائح كبرى في الفساد في الولايات المتحدة الأمريكية، واليابان وكوريا ودول أوروبية وغيرها، ولكن إذا كان الفساد يستشري في تلك الدول المتقدمة فإنه يقاوم بالأنظمة والقوانين الرادعة وبالتشهير الواضح والصريح بأسماء الفاسدين، ومحاكمتهم وإعلان نتائج تلك المحاكمات.
غير أن الفساد في الدول الأخرى وتحديداً في دول العالم الثالث وهو يشمل شريحة كبيرة من دول آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، يلاحظ أن الفساد الذي يضرب في الأعماق فيها نادراً ما ينتهي بإدانات قوية، وبأحكام رادعة كما هو الحال في الدول المتقدمة.
ومن بين أنواع الفساد التي ينتبه إليها بشكل عام هو الفساد العلمي الذي تشتكي منه حتى الدول الكبرى وهو مع الأسف الشديد يتوغل في الأعماق، ويتجذر في البلاد العربية وغيرها، ولا يلقى هذا النوع من الفساد الاهتمام الذي يردعه رغم خطورته، ورغم أنه يتجاوز في تأثيره الفساد المالي والفساد الإداري، فهنا يرتبط الفساد بقدوة هو الأستاذ الجامعي أو الباحث الذي يعتمد على الغش والخداع في الحصول على مراتب علمية يتقدم بموجبها، وتصبح له مكانة وهو في الحقيقة لا يملك المعرفة، ولا يملك الأدوات، ولا يملك القدرة.
ومن ثم فإنه يلجأ إلى فساد آخر في معالجة فساده، وفي إشاعة هذا الفساد بين طلابه أو بين ما يدعيه من دراسات وأبحاث ليست له أصلاً.
ومن الأمور الجيدة هنا في المملكة تلك الحملة القوية التي قادها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ضد الفساد، وهي دون شك تحتاج أن تستمر، وأن تتخطى أيضاً ما أشرنا إليه من فساد مالي وإداري إلى الفساد العلمي، وهو ما نطمح إليه في مرحلة قادمة أن تضرب رؤوس الفساد العلمي في المملكة لأنها الطريق الحقيقي لإصلاح العلم وتطويره.