عروبة المنيف
من الخطوات الهامة التي نؤكد عليها كمدربين في برامج التنمية البشرية، هي ممارسة خطوات عملية ومستمرة في تغيير العادات والسلوكيات بهدف تحقيق الأهداف قصيرة أوطويلة الأجل. وقد تحمست للحملة الإعلامية التوعوية التي أطلقتها وزارة الصحة وتناولتها غالبية وسائل الإعلام المحلية، وعلى الأخص وسائل التواصل الاجتماعي ممثلة بوسم في تويتر أطلق عليه مسمى «عدل ـ عاداتك».
إن حملة «عدل عاداتك»، الهادفة للتعريف بالعادات والسلوكيات غير الصحية بمناسبة اليوم العالمي لمرضى السكر من النوع الثاني ستشمل العادات الصحية بالمجمل وليس مرضى السكر فقط، وستستمر. فتغيير عادة صحية كالتقليل من الاستهلاك اليومي للسكر، سوف يتبعها عادة قراءة محتويات المنتج للتأكد من كمية السكر فيه، وسيتبع ذلك عادة الاهتمام بنوعية الأكل ومن ثم الاهتمام بالوزن والصحة وهكذا دواليك في طريق رفع الوعي الصحي. وأرى أن الحملة ينبغي أن تكون بمسمى «غيرـ عاداتك»، فلفظ التعديل لا يتماشى مع هدف الحملة «تغيير سلوك أوعادة»!.
إن تغيير عادة أو سلوك سلبي لدى الشخص يبدأ بالخروج من «منطقة الراحة» خاصته التي يشعر فيها بالأمان والسيطرة، ويخاف أن يتركها لاعتياده عليها. ولكن بعد خروجه منها، يدخل في منطقة جديدة، يطلق عليها «منطقة الخوف»!. في تلك المنطقة تبدأ رحلة تغيير العادة أو السلوك السلبي، وسيشعر الشخص في «منطقة الخوف» بعدم الثقة في البداية وسيتأثر بآراء المحيطين، ومن الممكن أن يجد المبررات التي تعيده إلى «منطقة الراحة»، ولكن مع ارتفاع وعيه بسلبيات العادة المطلوب تغييرها ووجود الدافع لتحقيق الهدف الذي يسعى إليه من وراء التغيير سيتجاوز «منطقة الخوف» وسينتقل بعدها لمنطقة أوسع يطلق عليها «منطقة التعلم». في تلك المرحلة من رحلة التغيير، سيكون الشخص قد أصبح جاهزاً للتعامل مع التحديات والمشاكل التي تواجهه، وسيتعلم مهارات جديدة تؤهله للتوسع بشكل أكبر والانطلاق إلى منطقة أرحب، إنها المنطقة الرابعة من رحلة التغيير، ويطلق عليها «منطقة النمو»، حيث يصل الشخص إلى بر الأمان ويتحقق حلمه. في تلك المرحلة يستمر الشخص في النمو وفي وضع أهداف جديدة وأحلام أوسع ويحقق مكاسب أكبر.
يؤكد المتخصصون، أن تغيير أي عادة أوسلوك من الممكن أن يتم خلال واحد وعشرين يوماً! فوفقاً لقانون التراكم في العقل الباطن، تتم برمجة الخلايا العصبية في الدماغ على تجاوز العادة القديمة واكتساب عادة جديدة ليتم ترسيخها في النظام البيولوجي للجسم خلال تلك الفترة، فالجسور الحاملة للنواقل العصبية تعمل على تثبيت العادة الجديدة أوالسلوك الجديد خلال تلك الفترة نتيجة تكرار ممارستها فيتخلص الشخص بمدة واحد وعشرين يوماً من الصورة الذهنية القديمة ويعتاد على وضعه الجديد.
إن تغييرعادة أو سلوك هو تحدٍ يتطلب دافعاً قوياً. وقد تلعب الأمثال المحبطة لدينا دوراً سلبياً، كالمثل القائل، «حدر جبل ولا تحدر طبع»، أو»العادة اللي بالبدن ما يغيرها إلا الكفن»!. إن الطبع أو السلوك أو العادة يسهل تغييرهم وبسلاسة من خلال التسلح بالعزيمة والصبر والحماس للتغيير، مع أخذ نفس طويل من أجل تحقيق الهدف، فحسب نيوتن، «لا يمكن التخلص من العادة برميها من النافذة، يجب أن تجعلها تنزل من الدرج خطوة خطوة».