أمل بنت فهد
مخاوف الإنسان عوائق تتراكم في داخله يوماً بعد يوم، وتغير مسار حياته دون أن يدرك، فلا الإنكار ينهي صراعه، ولا تجاهل الخوف يخلق فيه الشجاعة، على العكس تماماً، كلما أجل مواجهة خوفه، أو فهمه على أقل تقدير، فإن العتق منه ومن تباعته يكون أصعب، ويفقد معها فرصًا ثمينة، قد تكون منعطفاً يغير مساره، ويأخذه إلى أجمل الأقدار، وألطف الفرص.
على سبيل المثال في العلاقات الإنسانية، بكل أشكالها، أول مخاوف الإنسان، هو الخوف من الرفض، لأنه إذا رُفض، تشظَّى وتحطم، بغض النظر عن درجة الرفض، حادة كانت أم ناعمة، إلا أن الرفض يبقى خوفًا يخالطه الخجل وتقديس الكبرياء.
والخوف من الرفض مخيف عند الإنسان في كل مراحله العمرية، مهما صغر أو كبر، بينما عند الحيوانات، فإن العلاقة خاضعة للعرض والطلب بحسب الفترة دون حرج لأنها تعيش وفق الطبيعة.
قد تلاحظ أحدهم وهو محبط ومجروح ومنهك، لأن علاقته صادفت إغلاق الباب، وابتعد الشريك، وأحياناً يجنح للغضب، وينقلب حاله، وقد يصبح عدوانياً، كل ذلك لأنه رُفض، وهنا يلعب غرور الإنسان لعبته، ويخيل إليه أن هذا الرفض سبب كافٍ لتدمير ما بقي من العلاقة، وهذا دارج كثيراً في الطلاق خصوصاً، لذا ينقلب حال الشركاء، ومن بعد العشرة، والإحسان، بات العداء سيد الموقف، بل قد يصل الموقف إلى نوايا الانتقام.
مع أن السبب منذ البداية كان بسيطاً جداً، لو تعقل الإنسان، وفهم أن الرفض لا يعني أنه سيء، أو به عيب يحتاج تصحيح، ولا دخل للكبرياء في الموضوع بتاتاً، وابتعد عن الشخصنة، ولا يعني أيضاً أن أحدهما سيء، بل السبب أنهما لا يناسبان بعضهما، باختصار الطرف الثاني غير مستعد لخوض العلاقة، أو لا يستطيع إتمام المشوار، إذا فهم الإنسان هذا الجزء من القصة، سيتعلم كيف يواجه الرفض برقي، وتفهم، إذ يمكن للعلاقة بعدها أن تأخذ مساراً آخر، غير القطع والبتر، يمكنها أن تعيش وقتاً أطول، وتكون أقوى إذا تغير الإطار الذي كانت فيه، أو الذي ينوي الطرفان بدايته.
وأخيراً، لا تستعجل البوح بمشاعرك، ابحث عن مؤشرات واضحة لمشاعر الطرف الثاني، انتظر، وحاول أن تعرفه أكثر، واسمح له أن يعرفك.
لا تخدع نفسك حين تكون المعطيات كلها تشير إلى أنه ليس معك على نفس الرغبة، وتظن أنك ستخلق مشاعر من العدم، فشرارة الاستعداد واضحة لا يمكن تخيل وجودها، بل هي تفرض نفسها.
وإن رُفضت، فاعلم أنك أيضاً سبق أن رفضت أحدهم يوماً، ولم تكن تكرهه، أو تحتقره، بل كنت غير مستعد فقط، لذا فإن الرفض مثل القبول، نتيجة لا تعني شيئاً عدا أن حظك في مكان آخر، وحظه كذلك ليس معك.