إبراهيم عبدالله العمار
ماذا تفعل إذا قدّمت على وظيفة؟ الغالب أن تتحدث عن مؤهلاتك وشهاداتك، وتحاول إبراز إنجازاتك في وظائفك السابقة، وهذا ما ينصح به خبراء التوظيف، لأن مهمتك أن تظهر بأفضل صورة، لكن هل كنت تعلم أن هذا الأسلوب سيتغير كثيراً لو عشتَ قليلاً في اليابان؟
إن تأثير المجتمع ضخم على الفرد. حتى في المجتمعات الغربية التي تفضل مصلحة الفرد على المجتمع (ولو أدى هذا إلى انحطاط المجتمع وقتل الفضيلة فيه) فإنه لا يَسلَم أي إنسان من تأثير المجتمع الثقافي عليه، ومن أفضل من بحث في هذا المجال العالم روبرت نيسبِت الذي قارن بين نظرة الغربي ونظرة الآسيوي للعالم، فالآسيوي يقدّم المجتمع على الفرد عكس الغربي، ورغم أن تربية العائلة لها أول تأثير قوي في ذلك إلا أن التربية ليست وحدها المسؤولة عن توجيه الآسيوي نحو التناغم الاجتماعي والتواضع وغير ذلك من الصفات الشائعة بينهم، بل إن تأثير المجتمع (لا شعورياً) يزرع هذه القيم داخل الناس، وقد حصلت مواقف تبين ذلك.
من ظرائف ذلك أن بعض اليابانيين إذا مكث قليلاً في الغرب يزداد تقديره لذاته، لأن المجتمع الغربي يضعه في مواقف تحثه على ذلك، فالذات هي الأساس في الغرب، بينما اكتشف أحد الطلاب الكنديين التأثير الخفي للمجتمع على القيم لما عاش في اليابان بعض الوقت ثم انتقل لأمريكا ليبحث عن عمل بمساعدة مُرشده الجامعي، وكان المُرشِد يساعد هذا الشاب الكندي في مجاله المهني والتعليمي، ومن ذلك أنه اطّلع على طلبات التوظيف التي أرسلها الكندي للجامعات الأمريكية، وارتاع المُرشد لما قرأها، ذلك أن الطالب يبدأ كل رسالة بأن يعتذر أنه غير مؤهل لتلك الوظائف!
تسرّبت العادات والتقاليد إلى العقل الباطن. لقد تشرّب الطالب الكندي التواضع الياباني بلا شعور بعد معيشته في طوكيو.