عبده الأسمري
تتعدد قضايانا الإنسانية والاجتماعية والبشرية وتتمدد في اتجاهات مختلفة.. يسعى الإنسان طويلاً بحثاً عن ضالته ولهفة وراء أحلامه.. يطوي العمر امتداده على السنين.. فترتمي الأنفس في نتواءت «الإحباط» وتشرع المستميتة منها في منازعة الأمل ونزال التحديات بحثاً عن «الهدف»، فيما تظل الشاردة تلاحق أهواءها في وجهات غير محددة بلا قبلة تولي طريقها نحوها..
البشر أنواع هنالك من يأسرك بتعاملاته ورقيه وصفاءه النفسي مع ذاته، فتراه في مسار السواء، وتجد في التعامل معه راحة في توظيف سلوكك واستراحة في بلورة تعاملك، فلا يكون هنالك تقاطعات في الخلاف أو الاختلاف، وهنالك من لا يشبهك ويختلف معك في الفروق الفردية والافتراق الذهني فتجد صعوبة بالغة في إدارة الحوار معه ولكن أن غلبت الأخلاق الحسنة على ذهنيته الأخلاق الحسنة فإنك ستجد مدخلاً وأكثر إلى نفسه وعقله عن طريق إدارة السلوك الموجه نحو الإنسانية التي تطغى على سوء فهمه أو إساءة تفهمه.
وهنالك نوع أخير وهم كثر، طغت عليهم الأنا المفرطة حتى أنها مسحت كل معالم الإنسانية وبددت جميع ملامح الفطرة السوية وأخفت معظم القيم البشرية هؤلاء لا حل لهم سوى التجاهل والتغافل والنأي بعيداً عن «وحل» جدالهم و»بؤر» احتيالهم لأن الالتقاء معهم في نقاط مشتركة يقودك إلى مجابهة «المستحيل»، هؤلاء يعلمهم الزمن وتربيهم الحياة وستداهم قلوبهم الأقدار ذات يوم فلا مكان للسوء المطلق في الحياة الذي يرمي الأنفس الصافية بسهام «الخبث» وأعيرة «اللؤم» التي سيأتي الدفاع عنها من السماء لأنها بريئة من سوءات الآخرين.
في حياتنا محطات عدة لا بد من الاعتبار بها والاستبصار منها والاختبار فيها تقودنا إلى مساحات من التفكير المعتبر والمنطقي والسليم أو ترمينا في متاهات بلا مخارج من الانزواء على النفس والتقوقع في الذات...
يقع البعض فريسة مطامعه فيتشبث بالحياة وكأنها «مرقده الآمن» أو «محفله الدائم» متناسياً تراتيب القدر وحكمة الله في الإمهال دون الإهمال فيقضي وقته هائماً وعائماً في حلقة مفرغة من الأنانية والطغيان والغفلة حتى تصرعه نوبات الندم وترهقه صرعات التأنيب في وقت لا مكان فيه لخط رجعة أو لإعادة الحسابات.
يتعلم الإنسان كثيراً على مقاعد الدراسة ويرى أن الحصيلة في وظيفة تدر عليه دخلاً شهرياً متناسياً «نعمة التعليم» و»سعادة التعلم»، فيبقى مرهوناً للأجر دون القدر الذي يجب أن يكيله ببذخ في مجتمعه ونفسه ومستقبله حتى يكون التعلم أساساً للتطور والتغير الذاتي والمجتمعي وحتى يكون له بصمته وقيمته لا أن يكون «كائناً مستهلكاً» لا فائدة منه مقارباً لاستهلاك الآلات الجامدة متغافلا «قيمة العقل» و»عقلية القيم» في الأثر النافع والعلم المنتفع.
حوارات ثقافية ودينية واجتماعية وتخصصه على طاولات النقاش وعبر منصات المسؤولية يحضر فيها الجدال ويطغى فيها «الامتثال» للرأي الأحادي فتظل هذه المحطة مجرد «إهدار للوقت»، وإن أردنا النتائج فلنتأمل الحوار بين الأطياف الثقافية والفكرية والتراشق المخجل الذي تجاوز «الخلاف الفكري» إلى الطعن في الذمم والنيل من الكرامة.. هذه الحوارات العقيمة تحولت من طاولات النقاش إلى قاعات المحاكم، كل ذلك بسبب التعنت والتشمت في حوار عنوانه «البؤس» و»التجمد» و»الجمود».
محطات الحياة كثيرة واحتياطات العبر غائبة وسقطات الإنسان أكثر، وما بين الحتمية والافتراضية والواقعية يعيش البشر في دوائر العيش بعضهم من يخلد اسمه في متون «النفع»، وآخرون في هوامش «الفراغ»..
التدبر من تجارب الآخرين والتبصر في قصص الغير يلغي «التجبر» الذي تعيشه بعض الأنفس الغارقة في «غيها» والمنغمسة في «لغوها»..
الحياة مدرسة ولكن التعليم فيها بالتجربة والتعلم وسطها بالتطبيق والناجحون فيها من أخضعوا «فشلهم» لإعادة النظر والاعتبار، والمتميزون فيها من وضعوا النجاح خلالها حافزاً للمزيد، أما الراسبون فهم من ظلوا ينطلقون في دروب بلا خط نهاية فسقطت أسماؤهم «جبراً» لأنهم تناسوا الفوائد ولهثوا وراء العوائد بأنانية مفرطة وبذاتية بائسة تحاول النيل من الآخرين والميل نحو الأهواء الشخصية، فظلوا راسبين، سيكتبهم «الزمن» للعبرة لمن سار على تجارب فشلهم.