لا يستطيع مراقب أجنبي من خارج محيط المملكة العربية السعودية أو على الأقل من خارج حدود منطقة الخليج العربي والدول العربية أن يقيس بدقة مدى تعلق الشعب السعودي بقيادته ومدى التصاقه بأرضه وترابه الوطني، ومقدار اعتزازه بقيمه العربية الأصيلة وتمسكه بتعاليم الشرع الحنيف، ويقينه أن ولاة الأمر بهذه البلاد الطاهرة -بتوفيق الله- هم خير من يحث على التمسك بهذه المبادئ الكريمة والمثل العليا التي نتوارثها من الآباء والأجداد عبر قرون من الزمن، وما مبعث حب المواطن لقيادته إلا لما يراه ويلمسه من حكم بالعدل وتمسك صادق بالعقيدة الإسلامية السمحة، وحرص على بناء المواطن كأساس للتنمية والتقدم الذي ينشده حكام المملكة الأفذاذ، وما يجسد هذه المشاعر النبيلة المتبادلة بين القيادة وعامة شعب المملكة ما شاهدناه كنموذج ناصع من خلال احتفاء المواطنين بقياداتهم خلال الزيارات الملكية الكريمة مؤخراً لعدد من مناطق المملكة، وما عبروا عنه من حب وتوقير وتقدير لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده -حفظهما الله- وصحبهما الكرام، وهي سجية ومحمدة للشعب السعودي الكريم تجاه القيادة والوطن لا تقطعها الأيام والسنون بل هي ملازمة له سائر وقته، فيشعر أن كل أيامه أعياد واحتفالات مع قيادته الصالحة المخلصة له، وتتجدد هذه المشاعر مع كل ذكرى عطرة للبيعة الميمونة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه ورعاه-، مما لا يدع مجالاً للقياسات المعتادة بمثل هذه الاحتفالات، إذ إن خصوصية العلاقة هنا بمملكة العزم والحزم تختلف عن القيم الأخرى من علاقات حاكم بمحكوم، حيث تباين القيم ذاتها والبيئة والمفاهيم؛ للارتباط الحميم بين هرم القيادة هنا وعامة الشعب!
المواطن أساس التنمية
دأب قادة المملكة الكرام وحكامها وأمراء المناطق على التأكيد دوماً بأن المواطن هو مرتكز التنمية وأس نهضة البلاد، فكل المشروعات الحضارية التنموية إنما جاءت من أجله ولرفاهيته وأمنه واستقراره، وما على المواطن سوى إدراك هذه المضامين الخيرة والمقاصد التي يرمي إليها ولاة الأمر فيرعاها بالحب والوفاء والإخلاص للقيادة الساهرة على راحته وطمأنينته، ولإعلاء شأنه بين الأمم، وأن يحافظ على هذه المقدرات والمكتسبات التي منحها الله -عز وجل- له ولبلاده وإخوانه المواطنين، فلا يمكن أن يرتقي شعب ما لم يكن العضد والعون المخلص لدينه وقادته ومبادئه وأهله وتراب وطنه.
وتزداد -ولله الحمد- مظاهر البهجة والأفراح مع مرور الزمن بمجمل مناسباتنا واحتفالاتنا الوطنية مما يبرهن على وعي المواطن بأهمية التعلق بالأوطان، ومن لوازم ذلك التمسك بالقيادة الحريصة على خير هذا المواطن وسمعة ووحدة الوطن وعزته وشموخه بين بلاد العالم المتحضرة الراقية، فليس ببعيد الزيارات الملكية الكريمة الميمونة لبعض مناطق المملكة كما هي عادة ملوك البلاد -أعزهم الله وأيدهم بنصرة- فقد لمس الجميع القاصي والداني من دول العالم مدى الحب والوفاء لولاة الأمر والتصاق الحاكم بالمحكوم، ومتانة اللحمة الوطنية بين القيادة الكريمة والشعب السعودي الوفي، فعلى سبيل المثال رعى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله- خلال زيارته المباركة -مؤخراً- لمنطقة القصيم ضمن جولته حفظه بين بعض مناطق المملكة افتتاح وتدشين ووضع حجر الأساس لمشروعات تنموية بالمنطقة، شملت جوانب تنموية وتعليمية والإسكان والطرق والبيئة والمياه والكهرباء والمياه والخدمات العامة، ومشروعات اقتصادية حكومية، وذلك بتكلفة إجمالية قدرها 16.354.890.187مليار ريال، وافتتح -حفظه الله- خلال الزيارة 402 مشروع في 12 قطاعاً بقيمة إجمالية قدرها 12.151.913.844 مليار ريال، كما دشن ووضع حجر الأساس لـ199 مشروعاً لـ5 قطاعات حكومية بقيمة إجمالية قدرها 4.202.976.343 مليار ريال.
فهنا يبرز الفرق بين يد تبني ويد تهدم، وبين قيادة تنشد الحق والخير لشعبها وبين طغمة فاسدة تنشر الدمار والخراب والإرهاب في المعمورة وتنفق مقدرات شعوبها لهذا الهدف الشرير المدمر، المواطن السعودي أدرك علو شأن وفكر قيادته ومدى حكمتها وعظمتها فسار خلفها وبجانبها محباً محيطاً بها شغوفاً ببقائها محافظاً على صيانة كل ما يحفظ البلاد والعباد ويعلي شأن قيادته الملهمة.
البهجة تعم المناطق
فكما هي الفرحة بذكرى البيعة المباركة كل عام، والبهجة الغامرة التي يشعر بها المواطن بكل محتفل وطني، فقد ظهرت الأفراح جلية في منطقة تبوك مع الزيارة الملكية الميمونة للمنطقة، حيث عبر أميرها صاحب السمو المكي فهد بن سلطان والمواطنون عن أفراحهم بقيادتهم وتصاعد التنمية الحضارية بالبلاد، فقال سموه شهادة بذلك: بمناسبة زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- لمنطقة تبوك: (أولاً أنا مواطن سعودي قبل كل شيء وكل مواطن ومواطنه في هذه المنطقة نشعر بفخر كبير وسعادة كبيرة بتواجد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي العهد -حفظهما الله- في هذه المنطقة الغالية من المملكة العربية السعودية، وبالتأكيد القيادة عندما تنتقل إلى مكان تنتقل وينتقل الخير معها والجميع مستبشرين، ونحن نحمد الله سبحانه وتعالي على أن منّ علينا في هذه البلاد وأهلها وعلى هذه المنطقة بالذات من تيسير الأمور التي يعشها المواطن والمواطنة في هذا البلد الغالي وبالتأكيد ستحمل هذه الزيارة آفاقاً كبيرة في المستقبل وبالذات إذا عرفنا أن أكبر المشروعات الضخمة ستكون على ساحل البحر الأحمر في منطقة تبوك في مقدمتها مشروع نيوم ومشروعات أخرى والبحر الأحمر وآمالا كلها جاهزة وأطلقت، وبالتالي الجميع مستبشرين فيها).
ويوضح أمين منطقة تبوك بهذا الصدد أن المشروعات البلدية التي وضع حجر الأساس لها خادم الحرمين الشريفين -أيده الله- تعد باكورة مشروعات رؤية المملكة 2030 الذي يشرف على تنفيذها عراب الرؤية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع.
كما أن هذه الزيارة تظهر قوة التلاحم بين القيادة والشعب الذي تغمره الفرحة والبهجة بقدوم خادم الحرمين الشريفين إلى منطقة تبوك وهي رسالة قوية لكل أعداء الوطن الذين ما فتئوا يراهنون على زعزعة هذا الكيان العظيم.
في الحدود الشمالية
الزيارات الملكية لمنطقة الحدود الشمالية لم تكن وليدة هذا العقد الزمني، بل إن ملوك مملكة العز لا ينقطعون عن المنطقة دون زيارتها بين حين وآخر يتلمسون حاجة المواطن ويطمئنون على راحته وأمنه واستقراره واكتمال رفاهيته، فقد سبق أن زار جلالة الملك سعود -رحمه الله- المنطقة عام 1375 في إطار زياراته التي قام بها لمختلف مناطق المملكة بعد توليه مقاليد الحكم، ثم جاءت زيارة خادم الحرمين الشريفين المرحوم -بإذن الله- الملك عبدالله بن عبدالعزيز عام 1428هـ، حيث زار المنطقة والتقى بالمواطنين ودشن عدداً من المشروعات التنموية، وفي العام 1435هـ، زار الملك سلمان المنطقة عندما كان ولياً للعهد، وزار مدينة رفحاء لمعايدة منسوبي قوات الدفاع بمنطقة الحدود الشمالية، ثم زارها خادم الحرمين الشريفين من جديد خلال الشهر الماضي ضمن جولته على المناطق، وفي هذه الزيارات وغيرها حازت المنطقة على نصيب وافر من مشروعات التنمية والتحديث الشامل، مما كان له الأثر البالغ لدى مواطني المنطقة.
وفي حائل حب وولاء
فقد رحب الأمير عبدالعزيز بن سعد بن عبدالعزيز أمير منطقة حائل باسمه واسم أهالي المنطقة بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظهما الله- في زيارتهما الميمونة لمنطقة حائل، وأكد في تصريح بهذه المناسبة أن زيارة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين لمناطق المملكة ومنها منطقة حائل هي زيارة مباركة يلتقي بها أبناء شعبه الأوفياء الذين يبادلونهما الحب بالحب والوفاء بالوفاء في مشهد لا مثيل له إلا في هذا الوطن المعطاء وهذه القيادة الحكيمة وهذا الشعب الوفي.
في الجوف
حيث عبر أهاليها عن عميق مشاعرهم وفائض بهجتهم بقدوم الزائر الكبير وسمو ولي عهده -حفظهما الله-، وخرجت الجموع على كل مستوى وعمر مرحبين بهم وبصحبهم الكرام، وأعرب محافظو منطقة الجوف عن تقديرهم للزيارة الميمونة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظهما الله- للمنطقة، التي أثمرت خيراً للمنطقة بمشروعات تنموية عملاقة في شتى المناحي الحضارية، وعمقت الزيارة التلاحم الوطني بين القيادة والشعب.
صور ومواقف
الصور الرائعة لعطف وتراحم وتواضع ولاة الأمر بهذه البلاد الطاهرة أكثر من أن يحصيها المتابع، غير أن أمثلة قريبة يمكن أن تكون أنموذجاً لهذه المواقف الرائعة، وتكون بذات الوقت كقدوة يحتذي بها الآخرون، فمن ذلكم: استقبال خادم الحرمين الشريفين للطفلة جنى الرويلي التي عبرت عبر مقطع عن شغفها بلقاء الملك سلمان -حفظه الله-، وكانت الاستجابة من لدن ملك الإنسانية أسرع مما توقعه والداها، فتم اللقاء الأبوي الحميم بين قائد العزم والحزم وبين الطفلة البريئة والوديعة، بمشهد معبر بين قائد عظيم وطفلة من عامة الشعب، فهؤلاء حكامنا الأفذاذ.
وواقعة السلفي مع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، والطفل فيصل الذي طلب من سموه أن يصور معه، وببراءة الطفل حدث أن اتكأ على كتف سمو ولي العهد، فهذه الحادثة أظهرت جوانب ناصعة البياض من التواضع والبساطة والأريحية التي يتمتع بها سمو ولي العهد، وقياداتنا كافة -حفظهم الله-، وهذا ما يجمع القائد بالشعب من الود والمحبة والوئام.
واستقبل صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن سلطان بن عبدالعزيز أمير منطقة الجوف بمكتب سموه بديوان الإمارة الطالب يزن بن نايف الفهيقي الذي كان ضمن الطلاب والمواطنين الذين خرجوا بشوارع وميادين مدينة سكاكا لاستقبال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز «حفظه الله» أثناء زيارته الميمونة للمنطقة، وغلبه النوم خلال انتظاره مرور الموكب الملكي، وقال سموه خلال استقباله للطالب الفهيقي نحن فخورين بك وبوطنيتك التي زرعتها فيك أسرتك وحبك للوطن وقيادته وضربت بها مثلا يحتذى به وأنت في هذا العمر.
يضاف لذلك ما تكرم به سمو ولي العهد -حفظه الله- من زيارات لعدد من الأسر بعدد من المناطق التي شملتها الزيارات الملكية، وهي روابط متينة من الود والوفاء والصفاء بين القيادة والشعب والحاكم والمحكوم دأبنا عليها وتعلمناها من قرون ولا نحيد عنها فهي مبادئ راسخة يحثنا عليها تاريخنا العربي الرصين وقيمنا العربية الأصيلة وديننا الحنيف الذي يؤكد على طاعة ولاة الأمر والوفاء لهم.
فهذه مجرد أمثلة مبسطة للمواقف الرائعة لولاة الأمر وسجاياهم الحميدة وخصالهم العربية الإسلامية الأصيلة، وما يكنونه لشعبهم وما يقابلهم به شعبهم الكريم الوفي.