د. تركي بن هشبل
تطورت وتسارعت العلاقات السعودية - الروسية بشكل غير مسبوق منذ زيارة سمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لموسكو عام 2015م تلبية لدعوة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتن.
هذه الزيارة مهدت لزيارة خادم الحرمين الشريفين لموسكو عام 2017م والتي تم خلالها زيادة حجم التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي من خلال توقيع اتفاقيات عسكرية وأخرى في مجالات النفط والزراعة والطاقة النووية، كما نتج عنها أيضاً الإعلان عن زيارة للرئيس الروسي لم يحدد وقتها بعد إلى الآن.
هذا التقارب العميق في العلاقة بين البلدين يعود لسببين رئيسيين وهما :
أولاً : على المستوى الاقتصادي فإن التغيير الملحوظ في استراتيجيات وسياسات المملكة الخارجية وتبنيها لرؤية اقتصادية شاملة وجاذبة للاستثمارات الأجنبية يجعلها محط أنظار للدول التي ترغب في عمل شراكات اقتصادية واستراتيجية بعيدة المدى، إضافة إلى ذلك فإن الدولتين تلعبان دورا رئيسيا في تحديد أسعار النفط وبالتالي فان وجود توازن وتفاهم بينهما يؤثر على استقرار السوق وبالتالي يصب في مصلحة اقتصاد البلدين.
ثانياً : على المستوى السياسي والاستراتيجي فان المملكة العربية السعودية تسعى لشراكة وتعاون مع روسيا التي تعتبر إحدى الدول العظمى والتي أصبح لها مؤخراً حضور دولي بارز بعد أن دخلت الولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس باراك اوباما مرحلة ضعف وتراجع على مستوى التأثير الدولي، كما أن روسيا أصبحت لاعباً رئيسياً في منطقة الشرق الأوسط.
من الناحية الأخرى فإن روسيا ترى أن المملكة العربية السعودية حجر الأساس في المنطقة وأنها شريك رئيسي في حل الأزمات والصراعات في المنطقة، كما أن المملكة هي القلب النابض للعالم الإسلامي كافة.
هذا الفهم والإدراك لأهمية ومكانة الدولتين ودورهما الفاعل على مستوى العالم نتج عنه علاقة قوية لا يمكن أن يؤثر عليها أي عوامل خارجية. ومثال على قوة وصلابة هذه العلاقة ما عكسه الجانب الروسي إزاء موقفه من الحملة الشرسة والممنهجة التي تقودها تركيا وقطر تجاه المملكة العربية السعودية نتيجة وفاة الصحفي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول، حيث اعتبرت الخارجية الروسية أن السعودية اتخذت منذ البداية منهجاً واضحاً لتنفيذ تحقيق دقيق وموضوعي بأقصى درجة ممكنة ويشمل التعاون مع السلطات التركية، كما شددت أيضاً على أن تسييس هذه القضية أمر غير مقبول. وتوثيقاً لهذه العلاقة كشف الكرملين الأربعاء الماضي أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن سوف يلتقي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على هامش قمة مجموعة العشرين التي ستعقد في الأرجنتين نهاية هذا الشهر.
هذه المواقف تؤكد أن الحليف الروسي هو حليف موثوق ويعتمد عليه وينطبق عليه قول المثل العربي المعروف «الصديق وقت الضيق»، ولا شك أن المملكة العربية السعودية سوف تسعى لتعميق هذه العلاقة الاستراتيجية والمهمة للبلدين.